الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الذي يرجع إلى المسروق منه فهو أن يكون له يد صحيحة ، وهو يد الملك ، أو يد الأمانة كيد المودع ، والمستعير ، والمضارب ، والمبضع ، أو يد الضمان كيد الغاصب ، والقابض على سوم الشراء ، والمرتهن فيجب القطع على السارق من هؤلاء ، أما من المالك فلا شك فيه ، وكذا من أمينه ; لأن يد أمينه يده فالأخذ منه كالأخذ من المالك ، فأما من الغاصب فإن منفعة يده عائدة إلى المالك إذ بها يتمكن من الرد على المالك ; ليخرج عن العهدة ، فكانت يده يد المالك من وجه ، ولأن المغصوب مضمون على الغاصب .

                                                                                                                                وضمان الغصب عندنا ضمان ملك فأشبه يد المشتري ، والمقبوض على سوم الشراء مضمون على القابض ، والمرهون مضمون على المرتهن بالدين ; فيجب القطع على السارق منهم ، وهل يستوفي بخصومتهم حال غيبة المالك ؟ فيه خلاف نذكره - إن شاء الله تعالى - ولا يجب القطع على السارق من السارق ; لأن يد السارق ليست بيد صحيحة إذ ليست يد ملك ، ولا يد أمانة ، ولا يد ضمان ، فكان الأخذ منه كالأخذ من الطريق ، وإن كان القطع درئ عن الأول قطع الثاني ; لأنه إذا درئ عنه القطع صارت يده يد ضمان ، ويد الضمان يد صحيحة كيد الغاصب ، ونحوه والله تعالى عز شأنه أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية