الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 173 ] 31 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله : بئس مطية الرجل زعموا

185 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي أبو بكر ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو قلابة ، حدثني أبو عبد الله قال : قال النبي عليه السلام : بئس مطية الرجل زعموا .

186 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن [ ص: 174 ] الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة قال : قال أبو مسعود لأبي عبد الله ، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا : { بئس مطية الرجل } .

قال أبو جعفر : فتأملنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه زعموا بما وصفها به ، وذكره إياها أنها بئس مطية الرجل ، فوجدنا زعموا لم تجئ في القرآن إلا في الإخبار عن المذمومين [ ص: 175 ] بأشياء مذمومة كانت منهم . فمن ذلك قول الله تعالى : زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ، ثم أتبع ذلك بقوله تعالى : قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم .

ومن ذلك قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ، ثم أتبع ذلك بإخباره بعجزهم أن دعوهم بذلك بقوله : فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا .

ومن ذلك قوله تعالى : وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ، ثم رد عليهم بقوله : لقد تقطع بينكم الآية .

ومن ذلك قوله : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم .

ومن ذلك قوله تعالى : وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم .

ومن ذلك قوله : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون .

ومن ذلك قوله : ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك الآية .

وكل هذه الأشياء فإخبار عن الله تعالى بها ، عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة ، وبأقوال كانت منهم كانوا فيها كاذبين مفترين على الله تعالى ، فكان مكروها لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم الكافرين في أديانهم الكاذبين في أقوالهم .

[ ص: 176 ] وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان ، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة ، والأقوال الصادقة التي حمدهم الله تعالى عليها رضوان الله عليهم ورحمته ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية