الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون

                                                                                                                                                                                                                                      66 - بل ادارك أدرك مكي وبصري ويزيد والمفضل أي انتهى وتكامل من أدركت الفاكهة : تكاملت نضجا بل "ادرك" عن الأعشى افتعل "بل ادارك" غيرهم ، استحكم ، وأصله تدارك فأدغمت التاء في الدال وزيد ألف الوصل ليمكن التكلم بها علمهم في الآخرة أي : في شأن الآخرة ومعناها . والمعنى: أن أسباب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة قد حصلت لهم ومكنوا من معرفته وهم شاكون جاهلون وذلك قوله بل هم في شك منها بل هم منها عمون والإضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم وتكرير لجهلهم . وصفهم أولا بأنهم لا يشعرون وقت البعث ثم بأنهم لا يعلمون أن القيامة كائنة ثم بأنهم يخبطون في شك ومرية فلا يزيلونه والإزالة مستطاعة ثم بما هو أسوأ حالا وهو العمى وقد جعل الآخرة مبتدأ عماهم ومنشأه فلذا عداه بمن دون عن ؛ لأن الكفر بالعاقبة والجزاء هو الذي منعهم من التدبر والتفكر ووجه ملاءمة مضمون هذه الآية وهو وصف المشركين بإنكارهم البعث مع استحكام أسباب العلم والتمكن من المعرفة بما قبله وهو اختصاصه تعالى بعلم الغيب ؛ أن العباد لا علم لهم بشيء منه : أنه لما ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب كان هذا بيانا لعجزهم [ ص: 618 ] ووصفا لقصور علمهم وصل به أن عندهم عجزا أبلغ منه وهو أنهم يقولون للكائن الذي لابد من كونه وهو وقت جزاء أعمالهم لا يكون مع أن عندهم أسباب معرفة كونه واستحكام العلم به وجاز أن يكون وصفهم باستحكام العلم وتكامله تهكما بهم كما تقول لأجهل الناس: ما أعلمك! على سبيل الهزء ، وذلك حيث شكوا وعموا عن إثباته الذي الطريق إلى علمه مسلوك فضلا أن يعرفوا وقت كونه الذي لا طريق إلى معرفته ويجوز أن يكون "أدرك" بمعنى انتهى وفني ، من قولك : أدركت الثمرة ؛ لأن ذلك غايتها التي عندها تعدم وقد فسرها الحسن ب" اضمحل علمهم في الآخرة و" تدارك" من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية