الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقل أي : إنذارا لهم وترغيبا وترجية وترهيبا : الحمد أي : الإحاطة بأوصاف الكمال لله أي : الذي له العظمة كلها سواء اهتدى الكل وضل الكل ، أو انقسموا إلى مهتد وضال ، لأنه لا يخرج شيء عن مراده.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت نتيجة ذلك القدرة على كل شيء قال : سيريكم أي : في الدنيا والآخرة بوعد محقق لا شك في وقوعه آياته أي : الرادة لكم عما أنتم فيه يوم يحل لي هذه البلدة الذي حرمها بما أشار إليه جعلي من المنذرين وغير ذلك ما يظهر من وقائعه ويشتهر من أيامه التي صرح أو لوح بها القرآن ، فيأتيكم تأويله فترونه عيانا ، وهو معنى فتعرفونها أي : بتذكركم ما أتوعدكم الآن [به] وأصفه لكم [ ص: 230 ] منها ، لا تشكون في شيء من ذلك أنه على ما وصفته ولا ترتابون ، فتظهر لكم عظمة القرآن ، وإبانة آيات الكتاب الذي هو الفرقان ، وترون ذلك حق اليقين ولتعلمن نبأه بعد حين يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان قد نفس لهم بالسين في الآجال ، وكان التقدير تسلية له صلى الله عليه وسلم : وما ربك بتاركهم على هذا الحال من العناد لأن ربك قادر على ما يريد ، عطف عليه قوله : وما ربك أي : المحسن إليك بجميع ما أقامك فيه من هذه الأمور العظيمة والأحوال [الجليلة] الجسيمة بغافل عما تعملون أي : من مخالفة أوامره ، ومفارقة زواجره ، ويجوز أن تكون الجملة حالا من فاعل " يرى " أي : يريكم غير غافل ، ومن قرأ بالخطاب كان المعنى : عما تعمل أنت وأتباعك من الطاعة. وهو من المعصية ، فيجازي كلا منكم بما يستحق [فيعلي أمرك ، ويشد أزرك ، ويوهن أيدهم ، ويضعف كيدهم ، بما له من الحكمة ، والعلم ونفوذ الكلمة ، فلا يظن ظان أن تركه للمعالجة بعقابهم لغفلة عن شيء من أعمالهم ، إنما ذلك لأنه حد لهم حدا هم بالغوه لا محالة لأنه لا يبدل القول لديه ، فقد رجع آخرها كما ترى بإبانة الكتاب وتفخيم القرآن وتقسيم الناس فيه إلى مهتد وضال إلى أولها ، وعانق ختامها ابتداءها بحكمة منزلها ، وعلم مجملها ومفصلها ، ] إلى غير ذلك [ ص: 231 ] مما يظهر عند تدبرها وتأملها - والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب.

                                                                                                                                                                                                                                      نجز الجزء المبارك من مناسبات البقاعي بحمد الله وعونه ويتلوه القصص إن شاء الله تعالى - اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتجاوز عن سيئاتنا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية