الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ما يندب إليه الإمام عند بعث الجيش أو السرية إلى الجهاد ، فنقول - وبالله التوفيق : إنه يندب إلى أشياء ، منها أن يؤمر عليهم أميرا ; لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما بعث جيشا إلا وأمر عليهم أميرا ، ولأن الحاجة إلى الأمير ماسة ; لأنه لا بد من تنفيذ الأحكام وسياسة الرعية ، ولا يقوم ذلك إلا بالأمير لتعذر الرجوع في كل حادثة إلى الإمام

                                                                                                                                ( ومنها ) أن يكون الذي يؤمر عليهم عالما بالحلال والحرام ، عدلا عارفا بوجوه السياسات ، بصيرا بتدابير الحروب وأسبابها ; لأنه لو لم يكن بهذه الصفة لا يحصل ما ينصب له الأمير .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن يوصيه بتقوى الله - عز شأنه - في خاصة نفسه ، وبمن معه من المؤمنين خيرا ، كذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث جيشا أوصاه بتقوى الله - سبحانه وتعالى - في نفسه خاصة وبمن معه من المؤمنين خيرا ; ولأن الإمارة أمانة عظيمة فلا يقوم بها إلا المتقي وإذا أمر عليهم يكلفهم طاعة الأمير فيما يأمرهم به ، وينهاهم عنه ; لقول الله - تبارك وتعالى - { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وقال عليه الصلاة والسلام { : اسمعوا وأطيعوا ، ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع ما حكم فيكم بكتاب الله - تعالى } ولأنه نائب الإمام ، وطاعة الإمام لازمة كذا طاعته ; لأنها طاعة الإمام ، إلا أن يأمرهم [ ص: 100 ] بمعصية فلا تجوز طاعتهم إياه فيها ; لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } ولو أمرهم بشيء لا يدرون أينتفعون به أم لا ، فينبغي لهم أن يطيعوه فيه إذا لم يعلموا كونه معصية ; لأن اتباع الإمام في محل الاجتهاد واجب ، كاتباع القضاة في مواضع الاجتهاد والله تعالى - عز شأنه - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية