الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان من يسع تركه في دار الحرب ممن لا يحل قتله ، ومن لا يسع فالأمر فيه لا يخلو من أحد وجهين ، أما إذا كان الغزاة قادرين على عمل هؤلاء ، وإخراجهم إلى دار الإسلام وأما إن لم يقدروا عليه ، فإن قدروا على ذلك ، فإن كان المتروك ممن يولد له ولد ، لا يجوز تركهم في دار الحرب ; لأن في تركهم في دار الحرب عونا لهم على المسلمين باللقاح ، وإن كان ممن لا يولد له ولد ، كالشيخ الفاني الذي لا قتال عنده ، ولا لقاح ، فإن كان ذا رأي ومشورة ، فلا يباح تركه في دار الحرب ، لما فيه من المضرة بالمسلمين ; لأنهم يستعينون على المسلمين برأيه .

                                                                                                                                وإن لم يكن له رأي فإن شاءوا تركوه ، فإنه لا مضرة عليهم في تركه ، وإن شاءوا أخرجوه لفائدة المفاداة على قول من يرى مفاداة الأسير بالأسير ، وعلى قول من لا يرى لا يخرجونهم ; لما أنه لا فائدة في إخراجهم ، وكذلك العجوز التي لا يرجى ولدها ، وكذلك الرهبان ، وأصحاب الصوامع إذا كانوا حضورا ، لا يلحقون وإن لم يقدر المسلمون على حمل هؤلاء ونقلهم إلى دار الإسلام ، لا يحل قتلهم ، ويتركون في دار الحرب ; لأن الشرع نهى عن قتلهم ، ولا قدرة على نقلهم ، فيتركون ضرورة .

                                                                                                                                وأما الحيوان والسلاح إذا لم يقدروا على الإخراج إلى دار الإسلام أما الحيوان فيذبح ثم يحرق بالنار ; لئلا يمكنهم الانتفاع به وأما السلاح فما يمكن إحراقه بالنار يحرق ، وما لا يحتمل الإحراق كالحديد ونحوه ، فيدفن بالتراب لئلا يجدوه والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية