الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 5 ] كتاب القسمة

                                                                                                        القسمة في الأعيان المشتركة مشروعة ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام باشرها في المغانم والمواريث وجرى التوارث بها من غير نكير ، ثم هي لا تعرى عن معنى المبادلة لأن ما يجتمع لأحدهما بعضه كان له ، وبعضه كان لصاحبه فهو يأخذه عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه فكان مبادلة وإفرازا .

                                                                                                        والإفراز هو الظاهر في المكيلات والموزونات لعدم التفاوت ، حتى كان لأحدهما أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه ، ولو اشترياه فاقتسماه ببيع أحدهما نصيبه مرابحة بنصف الثمن . [ ص: 6 ] ومعنى المبادلة هو الظاهر في الحيوانات والعروض للتفاوت ، حتى لا يكون لأحدهما أخذ نصيبه عند غيبة الآخر ، ولو اشترياه فاقتسماه لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة ، إلا أنها إذا كانت من جنس واحد أجبر القاضي على القسمة عند طلب أحد الشركاء ; لأن فيه معنى الإفراز لتقارب المقاصد ، والمبادلة مما يجري فيه الجبر كما في قضاء الدين ، وهذا ; لأن أحدهم يطلب القسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير عن الانتفاع بملكه فيجب على القاضي إجابته ، وإن كانت أجناسا مختلفة لا يجبر القاضي على قسمتها لتعذر المعادلة باعتبار فحش التفاوت في المقاصد ولو تراضوا عليها جاز ; لأن الحق لهم .

                                                                                                        [ ص: 5 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 5 ] كتاب القسمة

                                                                                                        الحديث الأول : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم باشر القسمة في المغانم والمواريث ، وجرى التوارث بها من غير نكير ; قلت أما قسمة المغانم ، وأما قسمة المواريث ، فمنها ما أخرج البخاري عن هذيل بن شرحبيل ، قال : { سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة ، وابنة ابن ، وأخت ، فقال : للبنت النصف ، وللأخت النصف ، وأت ابن مسعود ، فسيتابعني ، فسئل ابن مسعود ، وأخبر بقول أبي موسى ، فقال : { قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين }. أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم : للابنة النصف ، ولبنت الابن السدس ، تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت ، فأتينا أبا موسى ، فأخبرناه بقول ابن مسعود ، فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله { أن امرأة سعد بن الربيع ، قالت : يا رسول الله إن سعدا هلك ، وترك ابنتين ، وأخاه ، فعمد أخوه ، فقبض ما ترك سعد ، وإنما تنكح النساء على أموالهن ، فقال عليه السلام : ادع لي أخاه ، فجاء ، فقال : ادفع إلى ابنتيه الثلثين ، وإلى امرأته الثمن ، ولك ما بقي }انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح [ ص: 6 ] الإسناد ، ولم يخرجاه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه النسائي عن عبد الله بن شداد { عن ابنة حمزة ، قالت : مات مولى لي ، وترك ابنة ، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته ، فجعل لي النصف ، ولها النصف }انتهى .

                                                                                                        وفيه كلام ، تقدم في " الولاء " .




                                                                                                        الخدمات العلمية