الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في مناجزة الصرف قلت : أرأيت إن قلت لرجل ونحن جلوس في مجلس : بعني عشرين درهما بدينار فقال : نعم قد فعلت ، وقلت أنا أيضا : قد فعلت ، فتصارفنا ، ثم التفت إلى إنسان إلى جانبه فقال : أقرضني عشرين درهما والتفت أنا إلى آخر إلى جانبي فقلت : أقرضني دينارا ففعل ، ودفعت الدينار إليه ودفع إلي العشرين درهما أيجوز هذا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا خير في هذا قلت : أرأيت إن نظرت إلى دراهم بين يدي رجل إلى جنبي فقلت : بعني من دراهمك هذه عشرين درهما بدينار فقال : قد فعلت ، وقلت : قد قبلت فواجبته الصرف ثم التفت إلى رجل إلى جنبي فقلت له : أقرضني دينارا ففعل فدفعت إليه الدينار وقبضت الدراهم أيجوز هذا الصرف في قول مالك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سألت مالكا عن الرجل يدفع الدينار إلى الصراف يشتري به منه دراهم فيزنه الصراف ويدخله تابوته ويخرج دراهم فيعطيه قال : لا يعجبني هذا ، وليترك الدينار على حاله حتى يخرج دراهمه فيزنها ثم يأخذ الدينار ويعطي الدراهم فإن كان هذا الذي اشترى هذه الدراهم كأنما استقرض شيئا متصلا قريبا بمنزلة النفقة يحلها من كمه ولا يبعث رسولا يأتيه بالذهب ولا يقوم إلى موضع يزنها أو يتناقدان في مجلس سوى المجلس الذي تصارفا فيه وإنما يزنها مكانه ويعطيه ديناره مكانه فلا بأس بذلك لأن مالكا قال : لو أن رجلا لقي رجلا في السوق فواجبه على دراهم معه ثم سار معه إلى الصيارفة لينقده قال مالك : لا خير في ذلك فقيل له : فلو قال له : إن معي دراهم فقال له المبتاع : اذهب بنا إلى السوق حتى نريها ثم نزنها وننظر إلى وجوهها فإن كانت جيادا أخذتها منك كذا وكذا درهما بدينار ، قال : لا خير في هذا أيضا ولكن يسير معه على غير موعد فإن أعجبه شيء أخذه وإلا تركه قلت : أكان مالك يكره للرجلين أن يتصارفا في مجلس ثم يقومان فيزنان في مجلس آخر ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم قال : وقال مالك : ولو أن قوما حضروا ميراثا فبيع فيه حلي [ ص: 7 ] فاشتراه رجل ثم قام به إلى السوق إلى الصيارفة ليدفع إليه نقده ولم يتفرقا قال : لا خير فيه ، ورأيته منتقضا إنما بيع بالذهب والورق أن يأخذ ويعطي بحضرة البيع ولا يتأخر شيء من ذلك عن حضور البيع .

                                                                                                                                                                                      مخرمة بن بكير ، عن أبيه قال : سمعت عمرو بن شعيب يقول : قال عبد الله بن عمرو بن العاص : { قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا عينا بعين ولا الورق بالورق إلا عينا بعين إني أخشى عليكم الربا ، ولا تبيعوا الذهب بالورق إلا هاء وهاء ولا الورق بالذهب إلا هاء وهاء } .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية