الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فلما فصل طالوت الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم , عن السدي قال : خرجوا مع طالوت وهم ثمانون ألفا , وكان جالوت من أعظم الناس وأشدهم بأسا , فخرج يسير بين [ ص: 146 ] يدي الجند , فلا تجتمع إليه أصحابه حتى يهزم هو من لقي , فلما خرجوا قال لهم طالوت : إن الله مبتليكم بنهر ؛ فمن شرب منه فليس مني , ومن لم يطعمه فإنه مني . فشربوا منه هيبة من جالوت , فعبر منهم أربعة آلاف , ورجع ستة وسبعون ألفا , فمن شرب منه عطش , ومن لم يشرب منه إلا غرفة روي , فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه , فنظروا إلى جالوت , رجعوا أيضا , وقالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده . فرجع عنه ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون , وجلس في ثلاثمائة وبضعة عشر , عدة أهل بدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : إن الله مبتليكم بنهر . يقول : بالعطش . فلما انتهوا إلى النهر - وهو نهر الأردن - كرع فيه عامة الناس , فشربوا , فلم يزد من شرب إلا عطشا , وأجزأ من اغترف غرفة بيده , وانقطع الظمأ عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس : فلما فصل طالوت بالجنود : غازيا إلى جالوت , قال طالوت لبني إسرائيل : إن الله مبتليكم بنهر . قال : نهر بين فلسطين والأردن ؛ نهر عذب الماء طيبه , فشرب كل إنسان كقدر الذي في قلبه , فمن اغترف غرفة وأطاعه روي بطاعته , ومن شرب فأكثر عصى فلم يرو , فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قال الذين شربوا : لا طاقة لنا اليوم [ ص: 147 ] بجالوت وجنوده . قال الذين يظنون : الذين اغترفوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم , عن ابن عباس : إن الله مبتليكم بنهر . قال : نهر فلسطين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في الآية قال : كان الكفار يشربون فلا يروون , وكان المسلمون يغترفون غرفة فيجزئهم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : في تلك الغرفة ما شربوا وسقوا دوابهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور عن عثمان بن عفان , أنه قرأ : إلا من اغترف غرفة بضم الغين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد , وابن أبي حاتم , عن سعيد بن جبير : فشربوا منه إلا قليلا منهم . قال : القليل ثلاثمائة وبضعة عشر , عدة أهل بدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد , والبخاري ، وابن جرير , وابن [ ص: 148 ] المنذر ، وابن أبي حاتم , والبيهقي في " الدلائل " , عن البراء قال : كنا أصحاب محمد نتحدث أن أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر , ولم يجاوز معه إلا مؤمن , بضعة عشر وثلاثمائة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر : " أنتم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي " . وكان الصحابة يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة , عن أبي موسى قال : كان عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة , عن عبيدة قال : عدة الذين شهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بدرا كعدة الذين جاوزوا مع طالوت النهر , عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر في " المبتدأ " ، وابن عساكر , من طريق جويبر , عن الضحاك , عن ابن عباس قال : كانوا ثلاثمائة ألف وثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا , فشربوا منه كلهم إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ؛ عدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر , فردهم طالوت , ومضى في ثلاثمائة وثلاثة عشر , وكان أشمويل دفع إلى طالوت درعا , فقال له : من استوى هذا الدرع عليه فإنه يقتل جالوت بإذن الله تعالى . ونادى منادي طالوت : من قتل جالوت زوجته ابنتي , [ ص: 149 ] وله نصف ملكي ومالي . وكان الله سبب هذا الأمر على يدي داود بن إيشا , وهو من ولد حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : الذين يظنون أنهم ملاقو الله . قال : الذين يستيقنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : الذين يظنون أنهم ملاقو الله قال : الذين شروا أنفسهم لله ووطنوها على الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : تلقى المؤمنين بعضهم أفضل من بعض , جدا وعزما , وهم كلهم مؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية