الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام الجمهور على كسر "إن" إلا الكسائي ، فإنه فتح "الألف" وهي قراءة ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي رزين ، وأبي العالية ، وقتادة . قال أبو سليمان الدمشقي: لما ادعت اليهود أنه لا دين أفضل من اليهودية ، وادعت النصارى أنه لا دين أفضل من النصرانية ، نزلت هذه الآية . قال الزجاج: الدين: اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه ، وأمرهم بالإقامة عليه ، وأن يكون [ ص: 363 ] عادتهم ، وبه يجزيهم . وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الدين: ما التزمه العبد لله عز وجل . قال ابن قتيبة: والإسلام الدخول في السلم ، أي: في الانقياد والمتابعة ، ومثله الاستسلام ، يقال: سلم فلان لأمرك ، واستسلم ، وأسلم ، كما تقول: أشتى الرجل ، أي: دخل في الشتاء ، وأربع: دخل في الربيع . وفي الذين أوتوا الكتاب ثلاثة أقوال . أحدها: أنهم اليهود ، قاله الربيع . والثاني: أنهم النصارى ، قاله محمد بن جعفر بن الزبير . والثالث: أنهم اليهود ، والنصارى ، قاله ابن السائب . وقيل الكتاب هاهنا: اسم جنس بمعنى الكتب . وفي الذين اختلفوا فيه أربعة أقوال . أحدها: دينهم ، والثاني: أمر عيسى ، والثالث: دين الإسلام ، وقد عرفوا صحته . والرابع: نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد عرفوا صفته .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إلا من بعد ما جاءهم العلم أي: الإيضاح لما اختلفوا فيه (بغيا بينهم) قال الزجاج: معناه: اختلفوا للبغي ، لا لقصد البرهان ، وقد ذكرنا في "البقرة" معنى: سريع الحساب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية