الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 154 ] قوله تعالى : ولولا دفع الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن عدي , بسند ضعيف , عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء " . ثم قرأ ابن عمر : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده , وولد ولده , وأهل دويرته ودويرات حوله , ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم , والبيهقي في " شعب الإيمان " عن ابن عباس في قوله : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض . قال : يدفع الله بمن يصلي عمن لا يصلي , وبمن يحج عمن لا يحج , وبمن يزكي عمن لا يزكي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير , عن مجاهد في قوله : ولولا دفع الله الناس الآية . يقول : ولولا دفاع الله بالبر عن الفاجر , ودفعه ببقية أخلاف الناس بعضهم عن بعض , لفسدت الأرض بهلاك أهلها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 155 ] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض الآية . قال : يبتلي الله المؤمن بالكافر , ويعافي الكافر بالمؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الربيع : لفسدت الأرض . يقول : لهلك من في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي مسلم ، سمعت عليا يقول : لولا بقية من المسلمين فيكم لهلكتم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد , والحكيم الترمذي ، وابن عساكر , عن علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الأبدال بالشام , وهم أربعون رجلا , كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث , وينتصر بهم على الأعداء , ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب " . ولفظ ابن عساكر : " ويصرف عن أهل الأرض البلاء والغرق " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخلال في " كرامات الأولياء " عن علي بن أبي طالب قال : إن الله ليدفع عن القرية بسبعة مؤمنين يكونون فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في " الأوسط " بسند حسن عن أنس قال : قال رسول [ ص: 156 ] الله صلى الله عليه وسلم : " لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن , فبهم تسقون وبهم تنصرون , ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في " الكبير " عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأبدال في أمتي ثلاثون ؛ بهم تقوم الأرض , وبهم تمطرون , وبهم تنصرون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد في " الزهد " , والخلال في " كرامات الأولياء " بسند صحيح , عن ابن عباس قال : ما خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخلال بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال أربعون رجلا يحفظ الله بهم الأرض , كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر , وهم في الأرض كلها " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال أربعون رجلا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام , يدفع الله بهم عن أهل الأرض , يقال لهم : الأبدال . إنهم لن يدركوها بصلاة , ولا بصوم , ولا بصدقة " . قالوا : يا رسول الله , فبم أدركوها؟ قال : " بالسخاء والنصيحة [ ص: 157 ] للمسلمين " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في " الحلية " ، وابن عساكر , عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة , قلوبهم على قلب آدم عليه السلام , ولله في الخلق أربعون , قلوبهم على قلب موسى عليه السلام , ولله في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام , ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام , ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام , ولله في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه السلام , فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة , وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة , وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة , وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين , وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة , وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة , فبهم يحيي ويميت ؟ ويمطر وينبت , ويدفع البلاء " . قيل لعبد الله بن مسعود : كيف بهم يحيي ويميت ؟ قال : لأنهم يسألون الله إكثار الأمم , فيكثرون , ويدعون على الجبابرة فيقصمون , ويستسقون فيسقون , ويسألون فتنبت لهم الأرض , ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن عساكر عن عوف بن مالك قال : لا تسبوا أهل الشام ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " فيهم الأبدال ؛ بهم تنصرون , [ ص: 158 ] وبهم ترزقون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن حبان في " تاريخه " عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن , بهم تغاثون , وبهم ترزقون , وبهم تمطرون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال : لن تخلو الأرض من أربعين , بهم يغاث الناس , وبهم ينصرون , وبهم يرزقون , كلما مات منهم أحد أبدل الله مكانه رجلا . قال قتادة : والله إني لأرجو أن يكون الحسن منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " ، وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : لم يزل على وجه الأرض في الدهر سبعة مسلمون فصاعدا , فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 159 ] وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : لم تبق الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض , ويخرج بركتها , إلا زمن إبراهيم , فإنه كان وحده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد بن حنبل في " الزهد " , والخلال في " كرامات الأولياء " , عن ابن عباس قال : ما خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد في " الزهد " عن كعب قال : لم يزل بعد نوح في الأرض أربعة عشر يدفع الله بهم العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخلال في " كرامات الأولياء " عن زاذان قال : ما خلت الأرض بعد نوح من اثني عشر فصاعدا , يدفع الله بهم عن أهل الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الجندي في " فضائل مكة " عن مجاهد قال : لم يزل على الأرض سبعة مسلمون فصاعدا , ولولا ذلك لأهلكت الأرض ومن عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي في " تاريخ مكة " عن زهير بن محمد قال : لم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا , لولا ذلك لأهلكت الأرض ومن عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 160 ] وأخرج ابن عساكر عن أبي الزاهرية قال : الأبدال ثلاثون رجلا بالشام , بهم تجارون , وبهم ترزقون , إذا مات منهم رجل أبدل الله مكانه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخلال في " كرامات الأولياء " عن إبراهيم النخعي قال : ما من قرية ولا بلدة لا يكون فيها من يدفع الله به عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب " الأولياء " عن أبي الزناد قال : لما ذهبت النبوة , وكانوا أوتاد الأرض , أخلف الله مكانهم أربعين رجلا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقال لهم : الأبدال . لا يموت الرجل منهم حتى ينشئ الله مكانه آخر يخلفه , وهم أوتاد الأرض , قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم , لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام , ولكن بصدق الورع , وحسن النية , وسلامة القلوب , والنصيحة لجميع المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري , ومسلم ، وابن ماجه , عن معاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله , لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم , حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم , والترمذي ، وابن ماجه , عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم , [ ص: 161 ] حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري , ومسلم , عن المغيرة بن شعبة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله عز وجل لا يضرها من خالفها " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم , والحاكم وصححه ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الدين قائما يقاتل عليه المسلمون حتى تقوم الساعة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود , والحاكم وصححه , عن عمران بن حصين , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق , ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال " . [ ص: 162 ] وأخرج الترمذي وصححه ، وابن ماجه , عن معاوية بن قرة , عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه , والحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " , عن أبي عنبة الخولاني : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله - وفي لفظ : لا يزال الله - يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن عقبة بن عامر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم , لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود , والحاكم وصححه , عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 163 ] وأخرج الحاكم في " مناقب الشافعي " عن الزهري قال : فلما كان في رأس المائة من الله على هذه الأمة بعمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي , في " المدخل " , والخطيب , من طريق أبي بكر المروزي قال : قال أحمد بن حنبل : إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي ؛ لأنه ذكر في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقيض في رأس كل مائة سنة من يعلم الناس السنن , وينفي عن النبي صلى الله عليه وسلم الكذب , فنظرنا , فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز , وفي رأس المائتين الشافعي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النحاس عن سفيان بن عيينة قال : بلغني أنه يخرج في كل مائة سنة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من العلماء يقوي الله عز وجل به الدين , وإن يحيى بن آدم عندي منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم في " مناقب الشافعي " عن أبي الوليد حسان بن محمد الفقيه قال : سمعت شيخا من أهل العلم يقول لأبي العباس بن سريج : أبشر أيها القاضي ؛ فإن الله من على المؤمنين بعمر بن عبد العزيز على رأس المائة , فأظهر كل سنة , وأمات كل بدعة , ومن الله على رأس المائتين بالشافعي حتى أظهر السنة , وأخفى البدعة , ومن الله على رأس الثلاثمائة بك حتى قويت كل سنة , وضعفت كل بدعة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية