الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ؛ أي أن الله لا يصطفي لنبوته الكذبة؛ ولو فعل ذلك بشر لسلبه الله - عز وجل -: آيات النبوة؛ وعلاماتها.

                                                                                                                                                                                                                                        ونصب " ثم يقول " ؛ على الاشتراك بين " أن يؤتيه " ؛ وبين " يقول " ؛ أي: لا يجتمع لنبي إتيان النبوة والقول للناس: كونوا عبادا لي؛ ولكن كونوا ربانيين ؛ و " الربانيون " : أرباب العلم؛ والبيان؛ أي: كونوا أصحاب علم؛ وإنما زيدت الألف والنون للمبالغة في النسب؛ كما قالوا للكبير اللحية: " لحياني " ؛ ولذي الجمة الوافرة: " جماني " ؛ وقد قرئ: بما كنتم تعلمون الكتاب ؛ و " تعلمون " ؛ بضم التاء؛ وفتحها؛ وبما كنتم تدرسون ؛ أي: بعلمكم؛ ودرسكم؛ علموا الناس؛ وبينوا لهم؛ وجاء في [ ص: 436 ] التفسير: " كونوا ربانيين " ؛ أي: علماء؛ فقهاء؛ ليس معناه: " كما تعلمون " ؛ فقط؛ ولكن ليكن هديكم ونيتكم في التعليم هدي العلماء؛ والحكماء؛ لأن العالم إنما ينبغي أن يقال له: " عالم " ؛ إذا عمل بعلمه؛ وإلا فليس بعالم؛ قال الله: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ؛ ثم قال: ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ؛ أي: لو كانوا وفوا العلم حقه؛ وقد فسرنا ما قيل في هذا في مكانه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية