الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 342 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة الأنبياء

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون .

                                                                                                                                                                                                                                      هذه الآية تدل على أن جميع المعبودات مع عابديها في النار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أشارت آيات أخر إلى أن بعض المعبودين كعيسى والملائكة ليسوا من أهل النار ، كقوله تعالى : ولما ضرب ابن مريم مثلا [ 43 \ 57 ] وقوله تعالى : ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون [ 43 \ 40 ] وقوله : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب الآية [ 17 : 57 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن هذه الآية لم تتناول الملائكة ولا عيسى لتعبيره بـ : " ما " الدالة على غير العاقل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أشار تعالى إلى هذا الجواب بقوله : ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون [ 43 \ 58 ] لأنهم لو أنصفوا لما ادعوا دخول العقلاء في لفظ لا يتناولهم لغة .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أن الملائكة وعيسى نص الله على إخراجهم من هذا دفعا للتوهم ولهذه الحجة الباطلة بقوله : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون الآية [ 21 \ 101 ] ، ، وقوله تعالى : قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون [ 21 \ 108 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      عبر في هذه الآية الكريمة بلفظ : " إنما " وهي تدل على الحصر عند الجمهور ، [ ص: 343 ] وعليه فهي تدل على حصر الوحي في توحيد الألوهية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه أوصى إليه غير ذلك كقوله : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن الآية [ 72 ] ، وقوله : تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك [ 11 \ 49 ] ، وقوله : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك الآية [ 12 \ 3 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب أن حصر الوحي في توحيد الألوهية حصر له في أصله الأعظم الذي يرجع إليه جميع الفروع ، لأن شرائع كل الأنبياء داخلة في ضمن لا إله إلا الله ، لأن معناها خلع كل الأنداد سوى الله في جميع أنواع العبادات ، وإفراد الله بجميع أنواع العبادات ، فيدخل في ذلك جميع الأوامر والنواهي القولية والفعلية والاعتقادية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية