الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 369 ] ( 2 ) باب جامع ما في التدبير

                                                                                                                        1518 - قال مالك في مدبر قال لسيده : عجل لي العتق ، وأعطيك خمسين منها منجمة علي ، فقال : سيده : نعم ، أنت حر ، وعليك خمسون دينارا ، تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير ، فرضي بذلك العبد ، ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة .

                                                                                                                        قال مالك : يثبت له العتق ، وصارت الخمسون دينارا دينا عليه ، وجازت شهادته ، وثبتت حرمته ، وميراثه وحدوده ، ولا يضع عنه موت سيده شيئا من ذلك الدين .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        34963 - قال أبو عمر : لا يجوز في تحصيل قول مالك في بيع المدبر إلا من نفسه ، إلا أنه قد اختلف قوله إذا وقع البيع فيه وفات بالعتق وصار حرا ، وسنذكره في باب : بيع المدبر ، إن شاء الله ، عز وجل .

                                                                                                                        34964 - وإذا كان له بيعه من نفسه ، فتعجيل العتق له على نجوم يأخذها منه مثل ذلك في الجواز ; لأنه لا يدخله بيع ولاء ، ولا شيء يكره إذا كان

                                                                                                                        [ ص: 370 ] المدبر راضيا بذلك .

                                                                                                                        34965 - وقد اختلف مالك وأصحابه ، في العبد يقول له سيده : أنت حر ، وعليك خمسون دينارا ، فلم يرض بذلك العبد .

                                                                                                                        34966 - وذكر ابن القاسم ، في ( ( المدونة ) ) ، عن مالك قال : أراه حرا ، وعليه المال ، أحب أو كره .

                                                                                                                        34967 - وكذلك قال أشهب ، ومطرف ، وأصبغ ; لأنه لم يوجب له الجزية إلا على أن يؤدي إليه المال ، ولا يضره تعجيل الحرية له باللفظ .

                                                                                                                        34968 - وقال ابن القاسم : إن رضي العبد بذلك لزمه المال ، وإن لم يرض بذلك فهو حر الساعة ولا شيء عليه .

                                                                                                                        34969 - قال : ولا يعجبني قول مالك في إلزامه له المال .

                                                                                                                        34970 - وقال أبو حنيفة : إن قال لعبده : أنت حر ، وعليك ألف درهم ، كان حرا بغير شيء .

                                                                                                                        34971 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : إن قبل العبد ذلك كان حرا ، وكان عليه المال .

                                                                                                                        34972 - قال أبو عمر : قول ابن القاسم معناه صحيح ; لأن قوله لعبده :

                                                                                                                        [ ص: 371 ] أنت حر ، لا مرجع له فيه ، جادا كان أو لاعبا ، وقوله بعد : وعليك من المال كذا ، إثبات مال في ذمة حر بغير رضاه ، وبغير عوض طلبه واشتراه ، ولا يجوز ذلك بإجماع في ذمة حر .

                                                                                                                        34973 - وقال ابن الماجشون : العبد بالخيار إن شاء التزم المال وكان حرا ، وإن شاء لم يلزمه ولا حرية له ، قال : وهو بمنزلة قوله : أنت حر على أن عليك كذا وكذا بالخيار .

                                                                                                                        34974 - قال أبو عمر : ليس قوله : أنت حر على أن عليك كذا مثل قوله : أنت حر ، وعليك كذا وكذا لأن قوله : أنت حر ، على أن عليك كذا في كلام متصل شرط منه عليه إن رضيه لزمه ، ولا يصح في هذا القول دعوى الندم ، وإذا أطلق له : أنت حر ، وعليك كذا فظاهره قد أوجب له الحرية ، ثم ندم ، فأوجب عليه معها شيئا لم يرضه ، فلا يلزمه من ذلك ما لم يرض .

                                                                                                                        34975 - ولم يختلفوا أنه إذا قال : لامرأة : أنت طالق ، وعليك كذا ، أنها طالق ، رضيت بما جعل عليها ( بعد ) الطلاق أم لم ترض ، وكذلك قوله : أنت حر وعليك كذا ، والله أعلم .

                                                                                                                        34976 - وقال الشافعي : إذا قال : أنت حر ، على أن عليك ألف

                                                                                                                        [ ص: 372 ] درهم ، أو خدمة سنة ، فقيل له : لزم ذلك ، وكان دينا عليه ، فإن مات قبل أن يخدمه ، رجع المولى بقيمة الخدمة في ماله إن كان له مال .

                                                                                                                        34977 - قال أبو عمر : هذا يدل على أنه إن قبل كان حرا في الوقت ، وكانت الدراهم عليه دينا ، والخدمة .

                                                                                                                        34978 - وقال مالك : إذا قال : أنت حر على أن تخدمني سنة ، فإن كان عجل عتقه ، على أن يخدمه فهو حر ، والخدمة ساقطة عنه ، وإن أراد أن يجعل عتقه بعد الخدمة لم يعتق حتى يخدمه سنة ، والسنة من وقت القول : خدم أو أبق ، أو مرض ، وسواء قال : ( ( هذه السنة ) ) أو ( ( السنة ) ) .

                                                                                                                        34979 - قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : إذا قال : أنت حر ، على أن تخدمني أربع سنين ، فقبل ، فعتق ، ثم مات السيد ساعتئذ ، فعليه قيمة نفسه .

                                                                                                                        34980 - وقال محمد : عليه قيمة خدمته أربع سنين .




                                                                                                                        الخدمات العلمية