الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين في هذا النص الكريم بيان لثمرات نصر الله تعالى، وفيه يتبين أن نصر الله لعباده المؤمنين ينتهي إلى غايات منها: أن يقطع طرفا من الذين كفروا، وفسر العلماء ذلك بأن يقتل فريق منهم ويؤسر فريق، فإن ذلك قطع لهم، وعندي أن قطع طرف من الذين كفروا يتحقق بذلك، ويتحقق بما هو أقوى منه، وهو أن تنقص عليهم الأرض من أطرافها، ويستولى على جزء من أرضهم، حتى يتحقق قوله تعالى: وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ومن غايات النصر ونتائجه أن يكبت الله تعالى الذين كفروا بسبب كفرهم، والكبت يطلق بعدة معان، فيراد به الرد العنيف، ويراد به شدة الغيظ، وقيل: إن أصله الكبد، أي: إصابة الكبد وتقريحه بالغيظ الشديد، ويطلق ويراد به الخزي، والمعنى: أن من غايات نصر الله تعالى للمؤمنين أن يصاب الذين كفروا بالغيظ الشديد والخزي والألم النفسي، حتى يخبو صوت الكفر، ويعلو صوت الإيمان، ويصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعند الناس ينقلبون، أي: يعودون خائبين. وفي التعبير عن العودة بالانقلاب [ ص: 1401 ] إشارة إلى أن مقاصدهم قد انقلبت، فقد أرادوا اقتلاع الإسلام فما وهن المسلمون، وأرادوا أن يطفئوا النور فما انطفأ، فالانقلاب عودة من غير تحقق المقاصد، وفي هذا إشارة إلى أن الجراحات التي أصابت المؤمنين لم تكن نصرا للكافرين، بل قد كانت ثمرة النصر للمؤمنين، إذ قد انقلب الكفار خائبين: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية