الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا نزلت في الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف حيث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نحن نعلم أنك على الحق، ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب، وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا. فرد عليهم بقوله تعالى: أولم نمكن لهم حرما آمنا أي: ألم نعصمهم، ولم نجعل مكانهم حرما ذا أمن لحرمة البيت الحرام الذي تتناحر العرب حوله، وهم آمنون. يجبى إليه وقرئ: (تجبى) أي: تجمع، وتحمل إليه. ثمرات كل شيء من كل أوب. والجملة صفة أخرى لحرما، دافعة لما عسى يتوهم من تضررهم بانقطاع الميرة. رزقا من لدنا فإذا كان حالهم ما ذكروه عبدة أصنام فكيف يخافون التخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد؟! ولكن أكثرهم لا يعلمون أي: جهلة لا يتفطنون له، ولا يتفكرون ليعلموا ذلك. وقيل: هو متعلق بقوله تعالى: "من لدنا" أي: قليل منهم يتدبرون فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله تعالى، إذ لو علموا لما خافوا غيره. وانتصاب "رزقا" على أنه مصدر مؤكد لمعنى "يجبى" أو حال من (ثمرات) على أنه بمعنى مرزوق لتخصصها بالإضافة، ثم بين أن الأمر بالعكس [ ص: 20 ] وأنهم أحقاء بأن يخافوا بأس الله تعالى بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية