الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ؛ موضع " إذ " : نصب؛ المعنى - والله أعلم -: " واذكر في أقاصيصك إذ أخذ الله ميثاق النبيين؛ لما آتيتكم من كتاب وحكمة... " ؛ إلى قوله: لتؤمنن به ولتنصرنه ؛ " ما " ؛ ههنا على ضربين؛ يصلح أن يكون للشرط؛ والجزاء؛ وهو أجود الوجهين؛ لأن الشرط يوجب أن كل ما وقع من أمر الرسل فهذه طريقته؛ واللام دخلت في " ما " ؛ كما تدخل في " إن " ؛ التي للجزاء؛ إذا كان في جواب القسم؛ قال الله - عز وجل -: [ ص: 437 ] ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ؛ وقال: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ؛ فاللام في " إن " ؛ دخلت مؤكدة؛ موطدة للام القسم؛ ولام القسم هي التي لليمين؛ لأن قولك: " والله لئن جئتني لأكرمنك " ؛ إنما حلفك على فعلك؛ إلا أن الشرط معلق به؛ فلذلك دخلت اللام على الشرط؛ فإذا كانت ما في معنى الجزاء؛ فموضعها نصب بقوله: " لما آتيتكم " ؛ والجزاء قوله: " لتؤمنن به " ؛ ويجوز أن يكون في معنى " الذي " ؛ ويكون موضعها رفعا؛ المعنى: أخذ الله ميثاقهم؛ أي: استحلفهم للذي آتيتكم؛ والمعنى: آتيتكموه لتومنن به؛ فتكون " ما " ؛ رفعا بالابتداء؛ ويكون خبر الابتداء " لتؤمنن به " ؛ وحذفت الهاء من " لما آتيتكم " ؛ لطول الاسم؛ فأعلم الله - عز وجل - أنه عهد إلى كل رسول أن يؤمن بغيره من الرسل؛ فصار العهد مشتملا على الجماعة أن يؤمن بعضهم ببعض؛ وأن ينصر بعضهم بعضا؛ ومعنى قوله: فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ؛ أي: فتبينوا؛ لأن الشاهد هو الذي يصحح دعوى المدعي؛ وشهادة الله للنبيين تبيينه أمر نبوتهم بالآيات المعجزات؛ ويجوز - وقد قرئ به -: " لما آتيتكم " ؛ فتكون اللام المكسورة معلقة بقوله: " أخذ " ؛ المعنى: أخذ الميثاق لإتيانكم الكتاب والحكمة؛ وقرأ بعضهم: " لما آتيناكم من كتاب وحكمة " ؛ أي: لما آتيناكم الكتاب والحكمة أخذ الميثاق " ؛ ويكون الكلام يؤول إلى الجزاء؛ كما تقول: " لما جئتني أكرمتك " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية