الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يقرض الرجل الدراهم يزيدية فيأتيه بمحمدية فيأبى أن يأخذها قلت : أرأيت لو أني أقرضت رجلا مائة درهم يزيدية إلى سنة فأتاني بمائة محمدية قبل السنة فقال : خذها .

                                                                                                                                                                                      وقلت لا آخذها إلا يزيدية قال : ذلك لك أن لا تأخذها إلا يزيدية ولو حل الأجل أيضا فجاء بمحمدية فقال لا أقبل إلا يزيدية كان ذلك له لأنه يقول لا آخذ إلا مثل الذي لي قال : لأن الدراهم والطعام عند مالك سواء ألا ترى أنه لو تسلف محمولة فأتاه بسمراء وهي خير من المحمولة فقال : لا أقبلها ولا آخذ إلا محمولة كان ذلك له قلت : والدراهم إن كانت من قرض أو من ثمن بيع كانت سواء في مسألتي حل الأجل أو لم يحل إذا رضي أن يأخذ محمدية من يزيدية جاز ذلك له في قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : لا أقوم على حفظه ولا أرى بذلك بأسا لأنها ورق كلها وكذلك الدنانير ، وكذلك الدنانير والدراهم وليست جنوسا كجنوس الطعام ، وإنما هي سكة وهي ذهب وفضة كلها والطعام جنوس وإن كانت حنطة كلها لأن الحنطة لها أسواق تحول إليها فتصير إلى تلك الأسواق والدراهم ليست لها أسواق تحول إليها مثل الطعام فلا يجوز أن يأخذ قبل محل [ ص: 34 ] الأجل سمراء من محمولة وإن كانت خيرا منها وإن كان أسلفه المحمولة سلفا فلا يجوز ، وكذلك قال لي مالك : في القمح المحمولة والسمراء وفي الشعير . أشهب .

                                                                                                                                                                                      وقد قال : إنه جائز إذا لم يكن في ذلك وأي ولا عادة وهو أحسن إن شاء الله قال ابن القاسم : وإن كانت لك سمراء على رجل إلى أجل فأخذت منه محمولة قبل محل الأجل لم يجز لأن هذا من وجه ضع وتعجل وكذلك الدراهم إن أخذت يزيدية من محمدية قبل محل الأجل لم يصلح وهذا في الدراهم مثل الطعام فإن أخذت محمدية من يزيدية قبل محل الأجل لم يكن بذلك بأس ومثل ذلك أن يكون له دنانير هاشمية فيعطيه عتقاء قبل محل الأجل فلا يكون بذلك بأس قال : ولأن مالكا قال في الدين يكون على الرجل إلى أجل فيقول ضع عني وأعجل لك إن ذلك لا يجوز فهذا يدلك على مسألتك هذه أيضا قلت : أرأيت إن أقرضت رجلا دراهم محمدية مجموعة فلما حل الأجل قضاني في يزيدية مجموعة أكثر من وزنها أيجوز هذا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز هذا لأن هذا إنما أخذ فضل عيون المحمدية على اليزيدية في زيادة وزن اليزيدية فلا يجوز هذا قلت : فلو قضاني يزيدية مثل وزن المحمدية أو دون وزنها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا بأس بذلك قلت : فلو كنت أقرضته يزيدية مجموعة فقضاني محمدية مجموعة أقل من وزنها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز هذا لأنه أخذ ما ترك من وزن اليزيدية في عيون المحمدية قلت : فلو قضاني محمدية مجموعة مثل وزن اليزيدية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا بأس بذلك إذا لم يكن ذلك منهما عادة قلت : فلو قضاني محمدية مجموعة أكثر من وزن اليزيدية التي أقرضته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا بأس بذلك قلت : وكذلك لو قضاني يزيدية مجموعة أكثر من وزن اليزيدية التي أقرضته قال : فلا بأس بذلك قلت : والدنانير مثل ما وصفت لي في الدراهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية