الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير : فمن حكمته جعل لكم السمع والأبصار ، لتتدبروا آياته ، وتتبصروا في مصنوعاته ، عطف عليه ومن رحمته أي : التي وسعت كل شيء لا من غيرها من خوف أو رجاء أو تعلق غرض من الأغراض جعل لكم الليل والنهار آيتين عظيمتين دبر فيهما وبهما جميع مصالحكم ، وادخر معظم رحمته إلى الآخرة ، [ ص: 345 ] ومحا آية الليل لتسكنوا فيه أي : فلا تسعوا في معاشكم "و" جعل آية النهار مبصرة " لتبتغوا من فضله " بأن تسعوا في معاشكم بجهدكم ، فالآية من الاحتباك : ذكر أولا السكون دليلا على حذف السعي في المعاش ثانيا ، والابتغاء ثانيا دليلا على حذف عدم السعي في المعاش أولا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر هذه النعمة التي أسبغها من هذه الرحمة ، وذكر علة جعله لها على الصفة المذكورة ، ذكر علة أخرى هي المقصودة بالذات لأنها نتيجة السمع والبصر اللذين ، قدم الحث على استعمالهما فقال : ولعلكم تشكرون أي : وليكون حالكم حال من يرجى منه الشكر بما يتجدد لكم بتقبلهما من النعم المتوالية المذكورة بالمنعم ، وبما دبر لكم رفقا بكم فيما كفلكم به في دار الأسباب من أمر المعاش والمعاد من الراحة بالسكون إثر ما أفادكم من الأرباح والمنح بالانتشار والتقلب ، وأما الآخرة فلما كانت غير مبنية على الأسباب ، وكانت الجنة لا تعب فيها بوجه [من الوجوه] ، كان لا حاجة فيها إلى الليل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية