الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في اقتضاء المجموعة من القائمة قلت : سمعتك تقول الدنانير المجموعة لا تصلح بالدنانير القائمة قلت : ما القائمة وما المجموعة وما معنى ذلك القول أنه لا يصلح ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لو أنك أسلفت رجلا مائة دينار قائمة أو بعته بها بيعا فثبت لك عليه مائة دينار قائمة فأراد أن يدفع إليك مائة مجموعة يدخل في عددها عشرة ومائة أو أقل من ذلك أو أكثر إلا أن عدد المجموعة أكثر من القائمة قال : لا خير فيه إلا أن تكون أسلفت القائمة بمعيار اتخذته عندك أو أسلفته إياها بوزن مثاقيل جمعتها في ذلك الوزن أو اشترطت في البيع الكيل فلا بأس بأن تقتضي مجموعة وإن كانت أكثر عددا إذا كنت حين أسلفتها قد أخذت لها عندك معيارا من الكيل أو وزنتها مجموعة فعرفت كيلها أو اشترطت كما أخبرتك الكيل مع العدد فأما إن تسلفتها عددا فلا خير في ذلك إلا أن تأخذ مثل عددها وإن كانت كيلا أو أنقص منها في الوزن فلا بأس بذلك إذا كانت في عددها قال : وقال مالك : وما بعت بفرادى فلا تأخذه كيلا وما بعت كيلا فلا تأخذه فرادى وما بعت بفرادى واشترطت كيله مع العدد فلا بأس أن تأخذه كيلا أقل عددا أو أكثر عددا ومن ذلك أن يبيع الرجل سلعته بمائة درهم بكيل ويشترط عددها داخل المائة خمسة وكيلها مائة فيكون عددها خمسة ومائة درهم فلا بأس أن يأخذ أكثر من عددها أو أقل من عددها كيلا إذا اشترطت العدد مع [ ص: 36 ] الكيل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : وبلغني أن مالكا قال : وإذا بعت رجلا أو أقرضته مائة دينار مجموعة فجاء ليقضيك فدفع إليك مائة دينار قائمة عددا فقال : هذا قضاؤك ولم يكلها لك قال : لا بأس بذلك لأنه قد عرف أن في كيل القائمة أكثر من مائة كيلا وفضلا فلا بأس بذلك وهو بين لا بأس به قال : فقلت لمالك : فإن قضاه مائة دينار مثاقيل أفرادا والأفراد إذا اجتمعت نقصت عن مائة دينار مجموعة ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : لا خير في ذلك لأنه إنما يجوزها لفضل عيونها على وزن المجموعة لأن الأفراد بحبة حبة لها فضل في عيونها على المجموعة قال : فقلت لمالك : أفيبيع الرجل السلعة بمائة دينار مجموعة ولا يشترط ما دخل فيها من الوزن وهو يعلم أنه يدخل فيها الدينار بالحبتين والخروبة والنصف والثلث والثلثين ولا يدري عدد ما يدخل له من صنوف تلك الدنانير قال : فلا بأس بذلك ما لم يدخل له من الذهب التي لا تجوز بين الناس قلت : أي شيء الدنانير المجموعة قال : المقطوعة النقص تجمع فتوزن فتصير مائة كيلا قلت : فما القائمة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : القائمة الجياد قلت : فلم أجزت أن يؤخذ من المجموعة القائمة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن القائمة الجياد عدد تزيد على المجموعة في المائة الدينار دينارا لأنك لو أخذت مائة دينار عددا قائمة فوزنتها بوزن المجموعة زادت في الوزن دينارا فصارت في الوزن مائة دينار ودينارا وهي مائة دينار عددا قلت : فما الفرادى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : المثاقيل قال : الفرادى إذا أخذت مائة فوزنتها كانت أنقص من المائة المجموعة لا تتم مائة تصير تسعة وتسعين وزنا وإن وزنت مائة قائمة كيلا زاد عددها على مائة دينار فرادى قلت : لم لا يصلح أن يأخذ من الدرهمين الفرادى إذا كانا لم يجمعا في الوزن وقد عرفت وزن كل واحدة منهما على حدة لم لا يجوز أن يأخذ بوزنهما تبر فضة مكسورة إذا كانا في الجودة مثله أو دونه وقد جوزته في الدرهمين المجموعين وقد جوز مالك مثل هذا في موضع آخر في الطعام ، ألا ترى أن مالكا قد أجاز لي أن آخذ سمراء من محمولة أو محمولة من سمراء إذا حل الأجل ، فلم كرهتم هذا في الدرهمين الفردين بوزنهما من التبر المكسور ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما ما ذكرت من الطعام وأخذه المحمولة من السمراء أو السمراء من المحمولة إنما جوزه مالك لأن الطعام كله يكال ، فإنما أخذ من سمراء كيلا محمولة أو من كيل محمولة مجموعة سمراء وليس في الطعام فرادى ولا يباع القمح وزنا بوزن ، [ ص: 37 ]

                                                                                                                                                                                      وأما ما ذكرت من مجموع الفضة بمجموع الفضة فلا بأس بذلك لأن هذا يعلم أنه قد أخذ مثل وزن فضته وجودة فضته أو دونها في الجودة وإنما كره مالك أن يأخذ من الفرادى مجموعة لأنه لا يأخذ مثل وزن الفرادى إذا أخذ وزن الفرادى مجموعة لأنه لا بد من أن يزيد وزن المجموعة على الفرادى الحبة والحبتين وما أشبه ذلك أو ينقص وإنما كرهه مالك لموضع أنه لا يكون مثلا بمثل فلهذا كرهه

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية