الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 291 ] 328 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سؤال العبد ربه أن يعذبه في الدنيا بما يعذبه في الآخرة

2048 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا حميد ، عن ثابت البناني ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرخ ، فقال : هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه ؟ فقال : يا رسول الله كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا ، فقال : سبحان الله لا تستطيعه ولا تطيقه فهلا قلت : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

2049 - أخبرنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، قال : حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث .

[ ص: 292 ] فقال قائل كيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم قد رويتم عنه ؟

2050 - فذكر ما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد الكندي ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده شرا أمسك عنه بذنبه حتى يوفيه يوم القيامة .

قال هذا القائل : فإذا كان الأمر على ما في هذا الحديث فلم لحق اللوم من سأل ربه أن يعجل له العقوبة في الدنيا ليسلم منها في الآخرة ، فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن الذي ذكر [ ص: 293 ] من الحديث الثاني كما ذكر ، والذي في الحديث الأول غير مخالف لذلك غير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار لأمته إشفاقا عليهم ورحمة لهم ورأفة بهم أن يدعوا الله عز وجل بالمعافاة في الدنيا مما مثل ذلك الرجل فيه ، وأن يؤتيهم في الآخرة ما يؤمنهم من عذاب الآخرة ، وهذه الحال فهي أعلى الأحوال كلها فبان بحمد الله أن لا تضاد في شيء من هذه الآثار ، ولا اختلاف والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية