الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 400 ] ( 7 ) باب ما جاء في جراح أم الولد

                                                                                                                        1524 - قال مالك في أم الولد تجرح : إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله ، إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد ، فليس على سيدها أن يخرج أكثر من قيمتها ، وذلك أن رب العبد أو الوليد ، إذا أسلم غلامه أو وليدته ، بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من ذلك ، وإن كثر العقل فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة ، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها ، فليس عليه أكثر من ذلك .

                                                                                                                        وهذا أحسن ما سمعت ، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        35096 - قال أبو عمر : قوله : وهذا أحسن ما سمعت في ما وصف دليل على أنه قد سمع الاختلاف فيه .

                                                                                                                        35097 - ومن الاختلاف في ذلك ما رواه أنس بن الوليد ، عن أبي يوسف ، قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أم الولد ، قتلت رجلا ، قال :

                                                                                                                        [ ص: 401 ] يقال لمولاها : أد دية قتيلها ، فإن فعل ذلك ، وإلا أعتقها عليه ، وجعلت دية قتيلها على عاقلتها .

                                                                                                                        35098 - وقال الليث بن سعد ، في جناية أم الولد : يخير المولى بين أن يؤدي عقل جنايتها بينه وبين قيمة رقبتها ، وإن شاء أسلمها ; لتسعى في قيمتها ليس على المولى غير ذلك .

                                                                                                                        35099 - قال مالك ، وأصحابه : ليس إلى إسلام أم الولد بجنايتها سبيل ، وعلى السيد أن يفديها بجنايتها ، إلا أن تكون الجناية أكثر من قيمة رقبتها ، فليس عليه أكثر من قيمة رقبتها أمة ، وإنما عليه الأقل من قيمة الرقبة ، أو أرش الجناية ، فإن جنت بعد ذلك كان عليه أيضا إخراج قيمتها مرة ثانية ، وكذلك ثالثة ، ورابعة ، وأكثر .

                                                                                                                        35100 - وبهذا قال المغيرة المخزومي .

                                                                                                                        35101 - وروي عن مالك ، أنه ليس على سيدها أن يخرج على قيمتها ، إلا قيمة واحدة .

                                                                                                                        35102 - وبه قال ابن القاسم .

                                                                                                                        [ ص: 402 ] 35103 - وكذلك اختلف قول الشافعي فيها على هذين القولين .

                                                                                                                        35104 - وذكر المزني عن الشافعي : إن جنت أم الولد ضمن سيدها الأقل من الأرش ، أو القيمة ، فإن جنت أخرى ، ففيها قولان :

                                                                                                                        35105 - ( أحدهما ) : أن الثاني يشارك الأول في تلك القيمة ، ثم هكذا كلما جنت .

                                                                                                                        35106 - ( والقول الثاني ) : أن المولى يغرم قيمة أخرى للثاني ، وكذلك كلما جنت .

                                                                                                                        35107 - وأما أبو حنيفة ، فأم الولد عنده والمدبر سواء ، لا سبيل إلى إسلام واحد منهما بجنايته ، وعلى السيد الأقل من أرش الجناية ، أو قيمة الرقبة ، فإن جنتا بعد ذلك ، فالمجني عليه شريك الأول .

                                                                                                                        35108 - وقال زفر ، في أم الولد : إذا جنت مرة بعد مرة ، فعلى السيد إخراج القيمة ثانية ، وثالثة ، لو قتلت رجلين أو ثلاثة خطأ فعلى المولى لورثة كل واحد منهم القيمة .

                                                                                                                        35109 - وهو قول الحسن بن صالح بن حي .

                                                                                                                        35110 - وقال أبو يوسف : عليه قيمة واحدة ، يشتركون فيها .

                                                                                                                        [ ص: 403 ] 35111 - وقال الثوري ، في المدبر ، وأم الولد : على المولى القيمة .

                                                                                                                        35112 - وقال الأوزاعي : إن جنت أم الولد ، فعلى سيدها قيمتها إن بلغتها جنايتها .




                                                                                                                        الخدمات العلمية