الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح ) وقال الشافعي رحمه الله المذبوح [ ص: 44 ] ميتة لقوله عليه الصلاة والسلام : { كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة }ولأنه فعل غير مشروع ، فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع . [ ص: 45 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { أنهر الدم بما شئت }.

                                                                                                        ويروى { أفر الأوداج بما شئت }وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك ; ولأنه آلة جارحة فيحصل به ما هو المقصود ، وهو إخراج الدم وصار كالحجر والحديد ، بخلاف غير المنزوع ; لأنه يقتل بالثقل فيكون في معنى المنخنقة ، وإنما يكره ; لأن فيه استعمال جزء الآدمي ولأن فيه إعسارا على الحيوان ، وقد أمرنا فيه بالإحسان .

                                                                                                        [ ص: 43 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 43 ] الحديث الثامن : قال عليه السلام : { كل ما أنهر الدم ، وأفرى الأوداج ، ما خلا الظفر ، والسن ، فإنها مدى الحبشة }; قلت : هو ملفق من حديثين ، فروى الأئمة الستة من حديث { رافع بن خديج ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلت : يا رسول الله إنا نكون في المغازي فلا تكون معنا مدى ، فقال : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوا ، ما لم يكن سنا أو ظفرا ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم ، وأما الظفر [ ص: 44 ] فمدى الحبشة }انتهى . أخرجوه مختصرا ، ومطولا .

                                                                                                        الثاني : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج ، عمن حدثه { عن رافع بن خديج ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليطة ، فقال : كل ما أفرى الأوداج إلا سنا أو ظفرا }انتهى .

                                                                                                        وقد تقدم في السابع ، قال ابن القطان في " كتابه " بعد أن ذكره باللفظ الأول من جهة مسلم : هذا حديث يرويه مسلم من حديث سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج ، قال : كنا ، الحديث ، قال : وهكذا رواه عمر بن سعيد أخو سفيان الثوري ، قال : والشك فيه في شيئين : في اتصاله ، وفي قوله : أما السن فعظم ، هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو لا ؟ فقد رواه أبو داود عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري ، عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده { رافع بن خديج ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : يا رسول الله إنا نلقى العدو غدا ، وليس عندنا مدى ، أفنذبح بالمروة ، وشقة العصا ؟ فقال عليه السلام : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه ، ما لم يكن سنا ، أو ظفرا } ، قال رافع : وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة ، قال : فهذا كما ترى ، فيه زيادة رفاعة بين عباية وجده رافع ، وفيه إثبات قوله : أما السن من كلام رافع ، وليس في حديث مسلم من رواية الثوري ، وأخيه عن أبيهما ذكر لسماع عباية من جده رافع ، إنما جاءا به معنعنا ، فبين أبو الأحوص أن بينهما واحدا ، وإن كان الترمذي قد قال : إن عباية سمع من جده رافع ، ولكن ليس في ذلك أنه سمع منه هذا الحديث ، ولم يكن أيضا في حديث مسلم أن قوله : أما السن من كلام النبي صلى الله عليه وسلم نصا ، فبينه أبو الأحوص من قول رافع ، لأنه محتمل ، قال : وليس لأحد أن يقول : أخطأ أبو الأحوص ، إلا كان الآخر أن يقول : أخطأ من خالفه ; لأنه ثقة انتهى .

                                                                                                        [ ص: 45 ] الحديث التاسع : قال عليه السلام : { أنهر الدم بما شئت } ، ويروى : { أفر الأوداج بما شئت }; قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن سماك بن حرب عن مري بن قطري { عن عدي بن حاتم ; قلت : يا رسول الله أرأيت أحدنا أصاب صيدا ، وليس معه سكين ، أنذبح بالمروة ، وشقة العصا ؟ فقال : أمرر الدم بما شئت ، واذكر اسم الله }انتهى وفي لفظ النسائي : أنهر ، وكذلك أحمد في " مسنده " قال الخطابي : ويروى : أمرر ، قال : والصواب أمر ساكن الميم ، خفيف الراء أي أسله انتهى .

                                                                                                        قلت : وبهذا اللفظ رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس والستين ، من القسم الثالث ; والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، قال السهيلي في " الروض الأنف " : أمر الدم بكسر الميم أي أسله ، يقال : دم مائر : أي سائل ، قال هكذا رواه النقاش ، وفسره ، ورواه أبو عبيد بسكون الميم جعله من مريت الضرع ، والأول أشبه بالمعنى انتهى .

                                                                                                        وجمع الطبراني في " معجمه " بين الروايات الثلاثة ، وفيه رواية رابعة عند النسائي في " سننه الكبرى " أهرق .




                                                                                                        الخدمات العلمية