الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ( 8 ) )

يقول تعالى ذكره : وما جعلنا الرسل الذين أرسلناهم من قبلك يا محمد إلى الأمم الماضية قبل أمتك ، ( جسدا لا يأكلون الطعام ) يقول : لم نجعلهم ملائكة لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم أجسادا مثلك يأكلون الطعام .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ) يقول : ما جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا الطعام .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ) يقول : لم أجعلهم جسدا ليس فيهم أرواح لا يأكلون الطعام ، ولكن جعلناهم جسدا فيها أرواح يأكلون الطعام .

قال أبو جعفر : وقال : ( وما جعلناهم جسدا ) فوحد الجسد وجعله موحدا ، وهو من صفة الجماعة ، وإنما جاز ذلك لأن الجسد بمعنى المصدر ، كما يقال في الكلام : وما جعلناهم خلقا لا يأكلون . [ ص: 415 ] وقوله ( وما كانوا خالدين ) يقول : ولا كانوا أربابا لا يموتون ولا يفنون ، ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا ، وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قد أخبر الله عنهم ( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) إلى قوله ( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) قال الله تبارك وتعالى لهم : ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم فنفعل بكم ، وإنما كنا نرسل إليهم رجالا نوحي إليهم كما أرسلنا إليكم رسولا نوحي إليه أمرنا ونهينا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وما كانوا خالدين ) أي لا بد لهم من الموت أن يموتوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية