الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أتى ]

                                                          أتى : الإتيان : المجيء . أتيته أتيا وأتيا وإتيا وإتيانا وإتيانة ومأتاة : جئته ؛ قال الشاعر :


                                                          فاحتل لنفسك قبل أتي العسكر



                                                          وفي الحديث : خير النساء المواتية لزوجها ؛ المواتاة : حسن المطاوعة والموافقة ، وأصلها الهمز فخفف وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة ؛ قال : وليس بالوجه . وقال الليث : يقال أتاني فلان أتيا وأتية واحدة وإتيانا ، قال : ولا تقل إتيانة واحدة إلا في اضطرار شعر قبيح ، لأن المصادر كلها إذا جعلت واحدة ردت إلى بناء فعلة ، وذلك إذا كان الفعل منها على فعل أو فعل ، فإذا أدخلت في الفعل زيادات فوق ذلك أدخلت فيها زيادتها في الواحدة كقولك : إقبالة واحدة ، ومثل تفعل تفعلة واحدة وأشباه ذلك ، وذلك في الشيء الذي يحسن أن تقول فعلة واحدة وإلا فلا ؛ وقال :


                                                          إني وأتي ابن غلاق ليقريني     كغابط الكلب يبغي الطرق في الذنب



                                                          وقال ابن خالويه : يقال ما أتيتنا حتى استأتيناك . وفي التنزيل العزيز : ولا يفلح الساحر حيث أتى قالوا : معناه حيث كان ، وقيل : معناه حيث كان الساحر يجب أن يقتل ، وكذلك مذهب أهل الفقه في السحرة ؛ وقوله :


                                                          ت لي آل زيد فاندهم لي جماعة     وسل آل زيد أي شيء يضيرها



                                                          قال ابن جني : حكي أن بعض العرب يقول في الأمر من أتى : ت زيدا ، فيحذف الهمزة تخفيفا كما حذفت من خذ وكل ومر . وقرئ : ( يوم تأت ) بحذف الياء كما قالوا لا أدر ، وهي لغة هذيل ؛ وأما قول قيس بن زهير العبسي :


                                                          ألم يأتيك والأنباء تنمي     بما لاقت لبون بني زياد



                                                          فإنما أثبت الياء ولم يحذفها للجزم ضرورة ، ورده إلى أصله . قال المازني : ويجوز في الشعر أن تقول زيد يرميك - برفع الياء - ويغزوك - برفع الواو - وهذا قاضي بالتنوين ، فتجري الحرف المعتل مجرى الحرف الصحيح من جميع الوجوه في الأسماء والأفعال جميعا لأنه الأصل . والميتاء والميداء ، ممدودان : آخر الغاية حيث ينتهي إليه جري الخيل . والميتاء : الطريق العامر ، ومجتمع الطريق أيضا ميتاء وميداء ؛ وأنشد ابن بري لحميد الأرقط :


                                                          إذا انضز ميتاء الطريق عليهما     مضت قدما برح الحزام زهوق



                                                          وفي حديث اللقطة : ما وجدت في طريق ميتاء فعرفه سنة - أي : طريق مسلوك - وهو مفعال من الإتيان ، والميم زائدة . ويقال : بنى القوم بيوتهم على ميتاء واحد وميداء واحد . وداري بميتاء دار فلان وميداء دار فلان ؛ أي : تلقاء داره ، وطريق مئتاء : عامر ؛ هكذا رواه ثعلب بهمز الياء من مئتاء ، قال : وهو مفعال من أتيت ؛ أي : يأتيه الناس . وفي الحديث : " لولا أنه وعد حق وقول صدق وطريق ميتاء لحزنا عليك أكثر ما حزنا " ؛ أراد أنه طريق مسلوك يسلكه كل أحد ، وهو مفعال من الإتيان ، فإن قلت طريق مأتي فهو مفعول من أتيته . قال الله عز [ ص: 50 ] وجل : إنه كان وعده مأتيا كأنه قال : آتيا ، كما قال : حجابا مستورا أي : ساترا ؛ لأن ما أتيته فقد أتاك ؛ قال الجوهري : وقد يكون مفعولا ؛ لأن ما أتاك من أمر الله فقد أتيته أنت ، قال : وإنما شدد ؛ لأن واو مفعول انقلبت ياء لكسرة ما قبلها فأدغمت في الياء التي هي لام الفعل . قال ابن سيده : وهكذا روي طريق ميتاء - بغير همز - إلا أن المراد الهمز ، ورواه أبو عبيد في المصنف بغير همز ، فيعالا لأن فيعالا من أبنية المصادر ، وميتاء ليس مصدرا إنما هو صفة ، فالصحيح فيه إذن ما رواه ثعلب وفسره . قال ابن سيده : وقد كان لنا أن نقول إن أبا عبيد أراد الهمز فتركه إلا أنه عقد الباب بفعلاء ففضح ذاته وأبان هناته . وفي التنزيل العزيز : أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا قال أبو إسحاق : معناه يرجعكم إلى نفسه ، وأتى الأمر من مأتاه ومأتاته ؛ أي : من جهته ووجهه الذي يؤتى منه ، كما تقول : ما أحسن معناة هذا الكلام تريد معناه ؛ قال الراجز :


                                                          وحاجة كنت على صماتها     أتيتها وحدي من مأتاتها



                                                          وآتى إليه الشيء : ساقه . والأتي : النهر يسوقه الرجل إلى أرضه ، وقيل : هو المفتح ، وكل مسيل سهلته لماء أتي ، وهو الأتي ، حكاه سيبويه ، وقيل : الأتي جمع . وأتى لأرضه أتيا : ساقه ؛ أنشد ابن الأعرابي لأبي محمد الفقعسي :


                                                          تقذفه في مثل غيطان التيه     في كل تيه جدول تؤتيه



                                                          شبه أجوافها في سعتها بالتيه ، وهو الواسع من الأرض . الأصمعي : كل جدول ماء أتي ؛ وقال الراجز :


                                                          ليمخضن جوفك بالدلي     حتى تعودي أقطع الأتي



                                                          قال : وكان ينبغي أن يقول قطعا قطعاء الأتي لأنه يخاطب الركية أو البئر ، ولكنه أراد حتى تعودي ماء أقطع الأتي ، وكان يستقي ويرتجز بهذا الرجز على رأس البئر . وأتى للماء : وجه له مجرى . ويقال : أت لهذا الماء فتهيئ له طريقه . وفي حديث ظبيان في صفة ديار ثمود قال : وأتوا جداولها ؛ أي : سهلوا طرق المياه إليها . يقال : أتيت الماء إذا أصلحت مجراه حتى يجري إلى مقاره . وفي حديث بعضهم : أنه رأى رجلا يؤتي الماء في الأرض ؛ أي : يطرق ، كأنه جعله يأتي إليها ؛ أي : يجيء . والأتي والإتاء : ما يقع في النهر من خشب أو ورق ، والجمع آتاء وأتي ، وكل ذلك من الإتيان . وسيل أتي وأتاوي : لا يدرى من أين أتى ؛ وقال اللحياني : أي أتى ولبس مطره علينا ؛ قال العجاج :


                                                          كأنه والهول عسكري     سيل أتي مده أتي



                                                          ومنه قول المرأة التي هجت الأنصار ، وحبذا هذا الهجاء :


                                                          أطعتم أتاوي من غيركم     فلا من مراد ولا مذحج



                                                          أرادت بالأتاوي النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها بعض الصحابة فأهدر دمها ، وقيل : بل السيل مشبه بالرجل لأنه غريب مثله ؛ قال :


                                                          لا يعدلن أتاويون تضربهم     نكباء صر بأصحاب المحلات



                                                          قال الفارسي : ويروى لا يعدلن أتاويون ، فحذف المفعول وأراد : لا يعدلن أتاويون شأنهم كذا أنفسهم . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عاصم بن عدي الأنصاري عن ثابت بن الدحداح وتوفي ، فقال : هل تعلمون له نسبا فيكم ؟ فقال : لا ، إنما هو أتي فينا ، قال : فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخته ؛ قال الأصمعي : إنما هو أتي فينا ؛ الأتي الرجل يكون في القوم ليس منهم ، ولهذا قيل للسيل الذي يأتي من بلد قد مطر فيه إلى بلد لم يمطر فيه أتي . ويقال : أتيت للسيل فأنا أؤتيه إذا سهلت سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه ، وأصل هذا من الغربة ؛ أي : هو غريب ؛ يقال : رجل أتي وأتاوي ؛ أي : غريب . يقال : جاءنا أتاوي إذا كان غريبا في غير بلاده . ومنه حديث عثمان حين أرسل سليط بن سليط وعبد الرحمن بن عتاب إلى عبد الله بن سلام فقال : ائتياه فتنكرا له وقولا إنا رجلان أتاويان وقد صنع الله ما ترى فما تأمر ؟ فقالا له ذلك ، فقال : لستما بأتاويين ولكنكما فلان وفلان أرسلكما أمير المؤمنين ؛ قال الكسائي : الأتاوي بالفتح ، الغريب الذي هو في غير وطنه ؛ أي : غريبا ، ونسوة أتاويات وأنشد هو وأبو الجراح لحميد الأرقط :


                                                          يصبحن بالقفر أتاويات     معترضات غير عرضيات



                                                          أي : غريبة من صواحبها لتقدمهن وسبقهن ، ومعترضات ؛ أي : نشيطة لم يكسلهن السفر ، غير عرضيات ؛ أي : من غير صعوبة بل ذلك النشاط من شيمهن . قال أبو عبيد : الحديث يروى بالضم ، قال : وكلام العرب بالفتح . ويقال : جاءنا سيل أتي وأتاوي إذا جاءك ولم يصبك مطره . وقوله عز وجل : أتى أمر الله فلا تستعجلوه أي : قرب ودنا إتيانه . ومن أمثالهم : مأتي أنت أيها السواد أو السويد ؛ أي : لا بد لك من هذا الأمر . ويقال للرجل إذا دنا منه عدوه : أتيت أيها الرجل . وأتية الجرح وآتيته : مادته وما يأتي منه ؛ عن أبي علي ؛ لأنها تأتيه من مصبها . وأتى عليه الدهر : أهلكه ، على المثل . ابن شميل : أتى على فلان أتو أي : موت أو بلاء أصابه ؛ يقال : إن أتى علي أتو فغلامي حر ؛ أي : إن مت . والأتو : المرض الشديد أو كسر يد أو رجل أو موت . ويقال : أتي على يد فلان إذا هلك له مال ؛ وقال الحطيئة :


                                                          أخو المرء يؤتى دونه ثم يتقى     بزب اللحى جرد الخصى كالجمامح



                                                          قوله : أخو المرء ؛ أي : أخو المقتول الذي يرضى من دية أخيه بتيوس ، يعني لا خير فيما يؤتى دونه ؛ أي : يقتل ثم يتقى بتيوس زب اللحى ؛ أي : طويلة اللحى . ويقال : يؤتى دونه ؛ أي : يذهب به ويغلب عليه ؛ وقال :


                                                          أتى دون حلو العيش حتى أمره     نكوب على آثارهن نكوب



                                                          أي : ذهب بحلو العيش . ويقال : أتي فلان إذا أطل عليه العدو . وقد [ ص: 51 ] أتيت يا فلان إذا أنذر عدوا أشرف عليه . قال الله عز وجل : فأتى الله بنيانهم من القواعد أي : هدم بنيانهم وقلع بنيانهم من قواعده وأساسه فهدمه عليهم حتى أهلكهم . وفي حديث أبي هريرة في العدوي : إني قلت أتيت ؛ أي : دهيت وتغير عليك حسك فتوهمت ما ليس بصحيح صحيحا . وأتى الأمر والذنب : فعله . واستأتت الناقة استئتاء ، مهموز ؛ أي : ضبعت وأرادت الفحل . ويقال : فرس أتي ومستأت ومؤتى ومستأتي بغير هاء إذا أودقت . والإيتاء : الإعطاء . آتى يؤاتي إيتاء وآتاه إيتاء ؛ أي : أعطاه . ويقال : لفلان أتو ؛ أي : عطاء . وآتاه الشيء ؛ أي : أعطاه إياه . وفي التنزيل العزيز : وأوتيت من كل شيء أراد : وأوتيت من كل شيء شيئا ، قال : وليس قول من قال إن معناه أوتيت كل شيء يحسن ؛ لأن بلقيس لم تؤت كل شيء ، ألا ترى إلى قول سليمان عليه السلام : ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها فلو كانت بلقيس أوتيت كل شيء لأوتيت جنودا تقاتل بها جنود سليمان عليه السلام ، أو الإسلام لأنها إنما أسلمت بعد ذلك مع سليمان عليه السلام . وآتاه : جازاه . ورجل ميتاء : مجاز معطاء وقد قرئ : وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وآتينا بها ) فأتينا جئنا ، وآتينا أعطينا ، وقيل : جازينا ، فإن كان آتينا أعطينا فهو أفعلنا ، وإن كان جازينا فهو فاعلنا . الجوهري : آتاه أتى به ؛ ومنه قوله تعالى : آتنا غداءنا أي : ائتنا به . وتقول : هات ، معناه آت على فاعل ، فدخلت الهاء على الألف . وما أحسن أتي يدي الناقة ؛ أي : رجع يديها في سيرها . وما أحسن أتو يدي الناقة أيضا ، وقد أتت أتوا . وآتاه على الأمر : طاوعه . والمؤاتاة : حسن المطاوعة . وآتيته على ذلك الأمر مؤاتاة إذا وافقته وطاوعته . والعامة تقول : واتيته ، قال : ولا تقل واتيته إلا في لغة لأهل اليمن ، ومثله آسيت وآكلت وآمرت ، وإنما جعلوها واوا على تخفيف الهمزة في يواكل ويوامر ونحو ذلك . وتأتى له الشيء : تهيأ . وقال الأصمعي : تأتى فلان لحاجته إذا ترفق لها وأتاها من وجهها ، وتأتى للقيام . والتأتي : التهيؤ للقيام ؛ قال الأعشى :


                                                          إذا هي تأتى قريب القيام     تهادى كما قد رأيت البهيرا



                                                          ويقال : جاء فلان يتأتى ؛ أي : يتعرض لمعروفك . وأتيت الماء تأتية وتأتيا ؛ أي : سهلت سبيله ليخرج إلى موضع . وأتاه الله : هيأه . ويقال : تأتى لفلان أمره ، وقد أتاه الله تأتية . ورجل أتي : نافذ يتأتى للأمور . ويقال : أتوته أتوا ، لغة في أتيته ، قال خالد بن زهير :


                                                          يا قوم ما لي وأبا ذؤيب     كنت إذا أتوته من غيب
                                                          يشم عطفي ويبز ثوبي     كأنني أربته بريب



                                                          وأتوته أتوة واحدة . والأتو : الاستقامة في السير والسرعة . ومازال كلامه على أتو واحد ؛ أي : طريقة واحدة ؛ حكى ابن الأعرابي : خطب الأمير فما زال على أتو واحد . وفي حديث الزبير : كنا نرمي الأتو والأتوين ؛ أي : الدفعة والدفعتين ، من الأتو العدو ، يريد رمي السهام عن القسي بعد صلاة المغرب . وأتوته آتوه أتوا وإتاوة : رشوته ؛ كذلك حكاه أبو عبيد ، جعل الإتاوة مصدرا . والإتاوة : الرشوة والخراج ؛ قال حني بن جابر التغلبي :


                                                          ففي كل أسواق العراق إتاوة     وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم



                                                          قال ابن سيده : وأما أبو عبيد فأنشد هذا البيت على الإتاوة التي هي المصدر ، قال : ويقويه قوله : " مكس درهم " لأنه عطف عرض على عرض . وكل ما أخذ بكره أو قسم على موضع من الجباية وغيرها إتاوة ، وخص بعضهم به الرشوة على الماء ، وجمعها أتى نادر مثل عروة وعرى ؛ قال الطرماح :


                                                          لنا العضد الشدى على الناس والأتى     على كل حاف في معد وناعل



                                                          وقد كسر على أتاوى ؛ وقول الجعدي :


                                                          فلا تنتهي أضغان قومي بينهم     وسوأتهم حتى يصيروا مواليا
                                                          موالي حلف لا موالي قرابة     ولكن قطينا يسألون الأتاويا



                                                          أي : هم خدم يسألون الخراج ، وهو الإتاوة ؛ قال ابن سيده : وإنما كان قياسه أن يقول أتاوى كقولنا في علاوة وهراوة علاوى وهراوى ، غير أن هذا الشاعر سلك طريقا أخرى غير هذه ، وذلك أنه لما كسر إتاوة حدث في مثال التكسير همزة بعد ألفه بدلا من ألف فعالة كهمزة رسائل وكنائن ، فصار التقدير به إلى إتاء ، ثم تبدل من كسرة الهمزة فتحة ؛ لأنها عارضة في الجمع ، واللام معتلة كباب مطايا وعطايا فيصير إلى أتاأى ، ثم تبدل من الهمزة واوا لظهورها لاما في الواحد فتقول أتاوى كعلاوى ، وكذلك تقول العرب في تكسير إتاوة أتاوى ، غير أن هذا الشاعر لو فعل ذلك لأفسد قافيته ، لكنه احتاج إلى إقرار الهمزة بحالها لتصح بعدها الياء التي هي روي القافية كما معها من القوافي التي هي الروابيا والأدانيا ونحو ذلك ، ليزول لفظ الهمزة ، إذا كانت العادة في هذه الهمزة أن تعل وتغير إذا كانت اللام معتلة ، فرأى إبدال همزة إتاء واوا ليزول لفظ الهمزة التي من عادتها في هذا الموضع أن تعل ولا تصح لما ذكرنا ، فصار الأتاويا ؛ وقول الطرماح :


                                                          وأهل الأتى اللاتي على عهد تبع     على كل ذي مال غريب وعاهن



                                                          فسر فقيل : الأتى جمع إتاوة ، قال : وأراه على حذف الزائد فيكون من باب رشوة ورشى . وإتاء : الغلة وحمل النخل ، تقول منه : أتت الشجرة والنخلة تأتو أتوا وإتاء ، بالكسر ؛ عن كراع : طلع ثمرها ، وقيل : بدا صلاحها ، وقيل : كثر حملها ، والاسم الإتاوة . والإتاء : ما يخرج من إكال الشجر ؛ قال عبد الله بن رواحة الأنصاري :


                                                          هنالك لا أبالي نخل بعل     ولا سقي وإن عظم الإتاء



                                                          عنى بهنالك موضع الجهاد ؛ أي : أستشهد فأرزق عند الله فلا أبالي نخلا [ ص: 52 ] ولا زرعا ؛ قال ابن بري : ومثله قول الآخر :


                                                          وبعض القول ليس له عناج     كمخض الماء ليس له إتاء



                                                          المراد بالإتاء هنا : الزبد . وإتاء النخلة : ريعها وزكاؤها وكثرة ثمرها ، وكذلك إتاء الزرع ريعه ، وقد أتت النخلة وآتت إيتاء وإتاء . وقال الأصمعي : الإتاء ما خرج من الأرض من الثمر وغيره . وفي حديث بعضهم : كم إتاء أرضك أي : ريعها وحاصلها ، كأنه من الإتاوة ، وهو الخراج . ويقال للسقاء إذا مخض وجاء بالزبد : قد جاء أتوه . والإتاء : النماء . وأتت الماشية إتاء : نمت ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية