الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم إنه تعالى بعد أن رد عليهم خوفهم من الناس بين أنهم أحقاء بالخوف من بأس الله تعالى بقوله: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها أي وكثيرا من أهل قرية كانت حالهم كحال هؤلاء في الأمن وخفض العيش والدعة حتى بطروا واغتروا ولم يقوموا بحق النعمة فدمرنا عليهم وخربنا ديارهم فتلك مساكنهم التي تمرون عليها في أسفاركم كحجر ثمود خاوية بما ظلموا حال كونها.

                                                                                                                                                                                                                                      لم تسكن من بعدهم من بعد تدميرهم إلا قليلا أي إلا زمانا قليلا إذ لا يسكنها إلا المارة يوما أو بعض يوم أو إلا سكنا قليلا وقلته باعتبار قلة الساكنين فكأنه قيل: لم يسكنها من بعدهم إلا قليل من الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يكون الاستثناء من المساكن أي إلا قليلا منها سكن وفيه بعد، وكنا نحن الوارثين منهم إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم وسائر ذات أيديهم، وفي الكشاف أي تركناها على حال لا يسكنها أحد أو خربناها وسويناها بالأرض وهو مشير إلى أن الوراثة إما مجرد انتقالها من أصحابها وإما إلحاقها بما خلقه الله تعالى في البدء فكأنه رجع إلى أصله ودخل في عداد خالص ملك الله تعالى على ما كان أولا وهذا معنى الإرث، وانتصاب معيشتها على التمييز على مذهب الكوفيين، أو مشبه بالمفعول به على مذهب بعضهم، أو مفعول به على تضمين بطرت معنى فعل متعد أي كفرت معيشتها ولم ترع حقها على مذهب أكثر البصريين أو على إسقاط (في أي في معيشتها على مذهب الأخفش، أو على الظرف نحو: جئت خفوق النجم على قول الزجاج:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية