الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم [ 73 ]

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : هذه الآية من أشكل ما في السورة ، وقد ذكرناها ، والإعراب يبينها . فيها أقوال ؛ فمن قال : إن في الكلام تقديما وتأخيرا ، فإن المعنى : ولا تؤمنوا أن يأتي أحد مثل ما أوتيتم إلا من اتبع دينكم ، وجعل اللام زائدة فهو عنده استثناء ليس من الأول ، وإلا لم يجز التقديم . ومن قال : المعنى على غير تقديم ولا تأخير ، جعل اللام أيضا زائدة أو متعلقة بمصدر ، أي لا تجعلوا تصديقكم [ ص: 387 ] إلا لمن اتبع دينكم بأن يؤتى أحد من العلم برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما أوتيتم . وتقدير ثالث : أي كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم . وقال الفراء : يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله : إلا لمن تبع دينكم ثم قال لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : قل إن الهدى هدى الله أي إن البيان بيان الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أي بين أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، وصلحت أحد لأن " أن " بمعنى " لا " مثل " يبين الله لكم أن تضلوا " أي أن لا تضلوا .

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : في قوله : قل إن الهدى هدى الله قولان ؛ أحدهما : أن الهدى إلى الخير والدلالة على الله بيد الله - جل وعز - يؤتيه أنبياءه ، فلا تنكروا أن يؤتى أحد سواكم مثل ما أوتيتم ، فإن أنكروا ذلك فقل : إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء . والقول الآخر : قل إن الهدى هدى الله الذي أتاه المؤمنين من التصديق بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لا غيره ، أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من البراهين والحجج والأخبار بما في كتبهم أو يحاجوكم عند ربكم . قال الأخفش : أي ولا يؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولا تصدقوا أن يحاجوكم ، يذهب إلى أنه معطوف . وقال الفراء : " أو " بمعنى " حتى " ، و " إلا أن " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية