الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 350 ] ما يجب تحصيله بأكثر من ثمن المثل ، وما لا يجب وما يجب بيعه بأقل منه وما لا قال بعض المتأخرين : الزيادة اليسيرة على ثمن المثل لا أثر لها في كل الأبواب ، إلا في التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة يسيرة على ثمن مثله ، لم يلزمه مطلقا في الأصح . قال في الخادم : ومثله شراء الزاد ونحوه في الحج .

                وأما الزيادة الكثيرة ، وهي التي لا يتغابن الناس بمثلها ، ففيها فروع : الأول : المسلم فيه يجب تحصيله ولو بأكثر من ثمن المثل إذا لم يوجد إلا به ، ولا ينزل ذلك منزلة الانقطاع ، جزم به الشيخان .

                قال السبكي في فتاويه : وعلى قياسه إذا لم يوجد من يشتري مال المديون ، إلا بدون قيمته ، يجب بيعه والوفاء منه .

                الثاني : إذا تلف المغصوب المثلي ، ولم يوجد مثله إلا بأكثر من ثمن المثل ، ففي وجوب تحصيله وجهان ، رجح كلا منهما مرجحون . وصحح النووي : عدم الوجوب ; لأن الموجود بأكثر من ثمنه كالمعدوم ، كالرقبة وماء الطهارة . وتخالف العين حيث يجب ردها ، وإن لزم في مؤنتها أضعاف قيمتها ، فإنه تعدى فيها دون المثل .

                قال السبكي : وفي تصحيحه نظر لتعديه . الثالث : لو أسلم عبد لكافر ، أمر بإزالة الملك عنه ، ولو لم يجد من يشتريه إلا بأقل من ثمن المثل ، مما لا يتغابن به ; لم يرهق إليه ; لأنه لم يلتزم بخلاف المسلم ، والغاصب ، والمديون ، ولو اشترى الكافر عبدا مسلما . وقلنا . يصح ، ويؤمر بإزالة الملك .

                قال ابن الرفعة : فلا يرهق للبيع بأقل . ويحال بينه وبينه إلى أن يتيسر من يشتريه بثمن مثله ، أو يزيل ملكه عنه . كذا ذكره في المطلب ، في فرع من غير نقل عن أحد .

                قال السبكي : وفيه نظر يحتمل أن يقال به ، كما إذا أسلم في يده ، وإن كنت لم أره منقولا أيضا ; ويحتمل أن يقال : إنه بالشراء متعرض لالتزام إزالته . الرابع ، الرقبة في الكفارة ، لا يلزم شراؤها بأكثر من ثمن المثل ، على المذهب ، واختار البغوي خلافه .

                الخامس : إبل الدية ، إذا لم توجد إلا بأكثر من ثمن المثل [ ص: 351 ] لا يجب تحصيلها ، بل يعدل إلى قيمتها ، كذا جزم به الشيخان . وبحث بعضهم : أن يجري فيها خلاف الغاصب . قال البلقيني : ولعل الفرق ، أن تعدي القاتل ، إنما هو في النفس ، وليست الدية مثل ما أتلف ، بخلاف صورة الغصب ، فإن المثلي مثل ما تعدى فيه ، فأتلفه .

                قال : فلو كانت الزيادة يسيرة ، فيحتمل الوجوب ، ويحتمل خلافه ، كالتيمم . قال : والأول أقرب . ومن نظائر هذه الفروع لو طلب الأجير في الحج أكثر من أجرة المثل ، لم يجب استئجاره ; جزموا به . ومنها : لو لم يجد إلا حرة ، تطلب أكثر من مهر مثلها . جاز له نكاح الأمة على ما قاله المتولي ، ووافقه آخرون ، وصححه في الروضة من زوائده .

                وقال البغوي : لا ينكح الأمة . وقال الإمام ، والغزالي : إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا : حلت الأمة ، وإلا فلا .

                وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم : بأن الحاجة إلى الماء تتكرر ، وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا ، وتشبه هذه الترجمة .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية