الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين كفروا للذين آمنوا بيان لحملهم للمؤمنين على الكفر بالاستمالة بعد بيان حملهم لهم عليه بالأذية، والوعيد، وصفهم بالكفر ههنا دون ما سبق، لما أن مساق الكلام لبيان جناياتهم، وفيما سبق لبيان جناية من أضلوه، و "اللام" للتبليغ، أي: قالوا مخاطبين لهم. اتبعوا سبيلنا أي: اسلكوا طريقتنا التي نسلكها في الدين. عبر عن ذلك بالاتباع الذي هو المشي خلف ماش آخر، تنزيلا للمسلك منزلة السالك فيه، أو اتبعونا في طريقتنا. ولنحمل خطاياكم أي: إن كان ذلك خطيئة يؤاخذ عليها بالبعث كما تقولون: وإنما أمروا أنفسهم بالحمل عاطفين له على أمرهم بالاتباع، للمبالغة في تعليق الحمل بالاتباع. والوعد بتخفيف الأوزار عنهم إن كان ثمة وزر فرد عليهم بقوله تعالى: وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وقرئ: (من خطيئاتهم) أي: وما هم بحاملين شيئا من خطاياهم التي التزموا أن يحملوا كلها على أن من الأولى للتبيين، والثانية مزيدة للاستغراق، والجملة اعتراض أو حال. إنهم لكاذبون حيث أخبروا في ضمن وعدهم بالحمل بأنهم قادرون على إنجاز ما وعدوا، فإن الكذب كما يتطرق إلى الكلام باعتبار [ ص: 33 ] منطوقه يتطرق إليه باعتبار ما يلزم مدلوله كما مر في قوله تعالى: أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية