الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الجناية على أم الولد ( قال الشافعي ) وإذا جنى على أم الولد فالجناية عليها جناية على أمة تقوم أمة مملوكة ، ثم يكون سيدها ولي الجناية عليها دونها يعفوها إن شاء أو يستقيد إن كان فيها قود أو يأخذ الأرش وإذا كانت هي الجانية ضمن الأقل من قيمتها أو الجناية للمجني عليه فإن عادت فجنت أخرى وقد أخرج قيمتها كلها ففيها قولان . أحدهما : إسلامه بدنها فيرجع المجني عليه الثاني بأرش جنايته على المجني عليه الأول فيشتركان فيها بقدر جنايتهما ، ثم هكذا إن جنت جناية أخرى رجع المجني عليه الثالث على الأولين فكانوا شركاء في قيمتها بقدر الجناية عليهم وهذا قول يتوجه ويدخل من قبل أنه لو كان أسلم بدنها إلى الأول أخرجها من يدي الأول إلى الثاني ولم يجعلهما شريكين فإذا قام قيمتها مقام بدنها فكان يلزمه أن يخرج جميع قيمتها إلى المجني عليه الثاني إذا كان ذلك أرش جنايتها ، ثم يصنع ذلك بها كلما جنت .

والقول الثاني أن يدفع الأقل من قيمتها أو الجناية فإذا عادت فجنت وقد دفع جميع قيمتها لم يرجع الآخر على الأول بشيء ورجع الآخر على سيدها فأخذ منه الأقل من قيمتها والجناية .

وهكذا كلما جنت وهذا قول [ ص: 110 ] يدخل من قبل أنه إن كان إنما ذهب إلى العبد يجني فيعتقه سيده أن يضمن الأقل من قيمته أو الجناية فهذه لم يعتقها سيدها وذلك إذا عاد عقلت عنه العاقلة ولم يعقل هو عنه وهو يجعله يعقل عن هذه ( قال الربيع ) ( قال الشافعي ) والقول الثاني أحب إلينا .

( قال الشافعي ) وإذا جنى عليها جناية فلم يحكم بها الحاكم حتى مات سيدها فهي لورثة سيدها من قبل أن سيدها قد ملكها بالجناية ( قال الشافعي ) وولد أم الولد بمنزلتها يعتقون بعتقها إذا عتقت كان من حلال أو حرام ولو ماتت أم الولد قبل سيدها كان أولادها في يد سيدها فإذا مات عتقوا بموته كما كانت أمهم تعتق بموته .

وإذا أسلمت أم ولد النصراني حيل بينه وبينها وأخذ بالنفقة عليها وأن تعمل له ما يعمل مثلها لمثله فمتى أسلم خلي بينه وبينها ، وإن مات قبل أن يسلم فهي حرة بموته وقال بعضهم : إذا أسلمت أم ولد النصراني فهي حرة وعليها أن تسعى في قيمتها وروي عن الأوزاعي مثل قوله إلا أنه قال تسعى في نصف قيمتها وقال غيرهما هي حرة ولا تسعى في شيء .

( قال الشافعي ) فإن كان إنما ذهب إلى أنه لم يكن له منها إلا أن يصيبها فحرمت عليه الإصابة بإسلامها فهو يجعل للرجل من أم ولده أن يأخذ مالها بأي وجه ملكته وهب لها أو تصدق به عليها أو وجدت كنزا أو اكتسبته ويجعل له خدمتها وبعض هذا أكثر من رقبتها فكيف أخرجها من ملكه وهذا لا يحل له وهو لا يبيع أم الولد ، وإذا لم يبع مدبر النصراني يسلم فكيف باع أم ولده ؟ ، .

( قال الشافعي ) وسواء في الحكم أم ولد النصراني أو المسلم يرتد ( قال الربيع لا تباع ) أم ولد النصراني كما لا تباع أم ولد المسلم .

( قال الشافعي ) وليس للنصراني أن يبيع أم ولده النصرانية إذا حكمنا أنه محول دونها لم يخل وبيعها كما لا يخلى بينه وبين بيع ابنه ولا بين بيع مكاتبه ، وإذا توفي الرجل عن أم ولده أو أعتقها فلا عدة عليها وتستبرأ بحيضة فإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فثلاثة أشهر أحب إلينا قياسا ; لأن الحيضة إذا كانت براءة في الظاهر فالحمل يبين في التي لا تحيض في أقل من ثلاثة أشهر . والقول الثاني أن عليها شهرا بدلا من الحيضة ; لأن الله عز وجل أقام ثلاثة أشهر مقام ثلاث حيض ( قال الربيع ) وبه يقول الشافعي ( قال الربيع ) وإذا كانت للرجل أم ولد فخصي أو انقطع عنه الجماع فليس لها خيار ; لأنها ليست كالزوجة في حال . .

التالي السابق


الخدمات العلمية