الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بجل ]

                                                          بجل : التبجيل : التعظيم . بجل الرجل : عظمه . ورجل بجال وبجيل : يبجله الناس ، وقيل : هو الشيخ الكبير العظيم السيد مع جمال ونبل ، وقد بجل بجالة وبجولا ، ولا توصف بذلك المرأة . شمر : البجال من الرجال الذي يبجله أصحابه ويسودونه . والبجيل : الأمر العظيم . ورجل بجال : حسن الوجه . وكل غليظ من أي شيء كان : بجيل . وفي الحديث : أنه - عليه السلام - قال لقتلى أحد : لقيتم خيرا طويلا ، ووقيتم شرا بجيلا وسبقتم سبقا طويلا . وفي الحديث : أنه أتى القبور فقال : السلام عليكم ; أصبتم خيرا بجيلا ، أي : واسعا كثيرا ، من التبجيل التعظيم ، أو من البجال الضخم . وأمر [ ص: 21 ] بجيل : منكر عظيم . والباجل : المخصب الحسن الحال من الناس والإبل . ويقال للرجل الكثير الشحم : إنه لباجل ، وكذلك الناقة والجمل . وشيخ بجال وبجيل أي جسيم ; ورجل باجل وقد بجل يبجل بجولا : وهو الحسن الجسيم الخصيب في جسمه وأنشد :


                                                          وأنت بالباب سمين باجل



                                                          وبجل الرجل بجلا : حسنت حاله ، وقيل : فرح . وأبجله الشيء إذا فرح به . والأبجل : عرق غليظ في الرجل ، وقيل : هو عرق في باطن مفصل الساق في المأبض ، وقيل : هو في اليد إزاء الأكحل ، وقيل : هو الأبجل في اليد ، والنسا في الرجل ، والأبهر في الظهر ، والأخدع في العنق ، قال أبو خراش :


                                                          رزئت بني أمي ، فلما رزئتهم     صبرت ولم أقطع عليهم أباجلي



                                                          والأبجل : عرق وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأكحل من الإنسان . قال أبو الهيثم : الأبجل والأكحل والصافن عروق تفصد ، وهي من الجداول لا من الأوردة . الليث : الأبجلان عرقان في اليدين وهما الأكحلان من لدن المنكب إلى الكتف وأنشد :


                                                          عاري الأشاجع لم يبجل



                                                          أي لم يفصد أبجله . وفي حديث سعد بن معاذ : أنه رمي يوم الأحزاب فقطعوا أبجله ; الأبجل : عرق في باطن الذراع ، وقيل : هو عرق غليظ في الرجل فيما بين العصب والعظم . وفي حديث المستهزئين : أما الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل إلى أبجله . والبجل : البهتان العظيم ، يقال : رميته ببجل ; وقال أبو دواد الإيادي :


                                                          امرأ القيس بن أروى موليا     إن رآني لأبوأن بسبد
                                                          قلت بجلا قلت قولا كاذبا     إنما يمنعني سيفي ويد



                                                          قال الأزهري : وغيره يقوله : بجرا ، بالراء ، بهذا المعنى ، قال : ولم أسمعه باللام لغير الليث ، قال : وأرجو أن تكون اللام لغة ، فإن الراء واللام متقاربا المخرج وقد تعاقبا في مواضع كثيرة . والبجل : العجب . والبجلة : الصغيرة من الشجر ; قال كثير :


                                                          وبجتد مغزلة ترود بوجرة     بجلات طلح قد خرفن ، وضال



                                                          وبجلي كذا وبجلي أي حسبي ; قال لبيد :


                                                          بجلي الآن من العيش بجل



                                                          قال الليث : هو مجزوم لاعتماده على حركات الجيم وأنه لا يتمكن في التصريف . وبجل : بمعنى حسب ; قال الأخفش : هي ساكنة أبدا . يقولون : بجلك كما يقولون قطك إلا أنهم لا يقولون بجلني كما يقولون قطني ، ولكن يقولون بجلي وبجلي أي حسبي ، قال لبيد :


                                                          فمتى أهلك فلا أحفله     بجلي الآن من العيش بجل



                                                          وفي حديث لقمان بن عاد حين وصف إخوته لامرأة كانوا خطبوها ، فقال لقمان في أحدهم : خذي مني أخي ذا البجل ; قال أبو عبيدة : معناه الحسب والكفاية ; قال : ووجهه أنه ذم أخاه وأخبر أنه قصير الهمة وأنه لا رغبة له في معالي الأمور ، وهو راض بأن يكفى الأمور ويكون كلا على غيره ، ويقول : حسبي ما أنا فيه ; وأما قوله في أخيه الآخر : خذي مني أخي ذا البجلة يحمل ثقلي وثقله ، فإن هذا مدح ليس من الأول ، يقال : ذو بجلة وذو بجالة ، وهو الرواء والحسن والحسب والنبل ، وبه سمي الرجل بجالة . وإنه لذو بجلة أي شارة حسنة ، وقيل : كانت هذه ألقابا لهم ، وقيل : البجال الذي يبجله الناس أي يعظمونه . الأصمعي في قوله خذي مني أخي ذا البجل : رجل بجال وبجيل إذا كان ضخما ; قال الشاعر :


                                                          شيخا بجالا وغلاما حزورا



                                                          ولم يفسر قوله أخي ذا البجلة ، وكأنه ذهب به إلى معنى البجل . الليث : رجل ذو بجالة وبجلة وهو الكهل الذي ترى له هيئة وتبجيلا وسنا ، ولا يقال امرأة بجالة . الكسائي : رجل بجال كبير عظيم . أبو عمرو : البجال الرجل الشيخ السيد ; قال زهير بن جناب الكلبي ، وهو أحد المعمرين :


                                                          أبني ، إن أهلك فإني     قد بنيت لكم بنيه
                                                          وجعلتكم أولاد سا     دات ، زنادكم وريه
                                                          من كل ما نال الفتى     قد نلته ، إلا التحيه
                                                          فالموت خير للفتى     فليهلكن وبه بقيه
                                                          من أن يرى الشيخ البجا     ل يقاد ، يهدى بالعشيه
                                                          ولقد شهدت النار لل     أسلاف توقد في طميه
                                                          وخطبت خطبة حازم     غير الضعيف ولا العييه
                                                          ولقد غدوت بمشرف ال     حجبات لم يغمز شظيه
                                                          فأصبت من بقر الحبا     ب ، وصدت من حمر القفيه
                                                          ولقد رحلت البازل ال     كوماء ، ليس لها وليه



                                                          فجعل قوله يهدى بالعشية حالا ليقاد كأنه قال : يقاد مهديا ، ولولا ذلك لقال ويهدى بالواو . وقد أبجلني ذلك أي كفاني ; قال الكميت يمدح عبد الرحيم بن عنبسة بن سعيد بن العاص :


                                                          وعبد الرحيم جماع الأمور     إليه انتهى اللقم المعمل
                                                          إليه موارد أهل الخصاص [ ص: 22 ]     ومن عنده الصدر المبجل



                                                          اللقم : الطريق الواضح ، والمعمل : الذي يكثر فيه سير الناس ، والموارد : الطرق ، واحدتها موردة ، وأهل الخصاص : أهل الحاجة وجماع الأمور : تجتمع إليه أمور الناس من كل ناحية . أبو عبيد : يقال بجلك درهم وبجلك درهم . وفي الحديث : فألقى تمرات في يده وقال : بجلي من الدنيا أي حسبي منها ; ومنه قول الشاعر يوم الجمل :


                                                          نحن بني ضبة أصحاب الجمل     ردوا علينا شيخنا ثم بجل



                                                          أي ثم حسب ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          معاذ العزيز الله أن يوطن الهوى     فؤادي إلفا ، ليس لي ببجيل



                                                          فسره فقال : هو من قولك بجلي كذا أي حسبي ، وقال مرة : ليس بمعظم لي ، وليس بقوي ، وقال مرة : ليس بعظيم القدر مشبه لي . وبجل الرجل : قال له بجل أي حسبك حيث انتهيت ; قال ابن جني : ومنه اشتق الشيخ البجال والرجل البجيل والتبجيل . وبجيلة : قبيلة من اليمن والنسبة إليهم بجلي ، بالتحريك ، ويقال إنهم من معد لأن نزار بن معد ولد مضر وربيعة وإياد وأنمارا ثم إن أنمارا ولد بجيلة وخثعم فصاروا باليمن ; ألا ترى أن جرير بن عبد الله البجلي نافر رجلا من اليمن إلى الأقرع بن حابس التميمي حكم العرب فقال :


                                                          يا أقرع بن حابس يا أقرع !     إنك إن يصرع أخوك تصرع



                                                          فجعل نفسه له أخا ، وهو معدي ، وإنما رفع تصرع وحقه الجزم على إضمار الفاء كما قال عبد الرحمن بن حسان :


                                                          من يفعل الحسنات ، الله يشكرها     والشر بالشر عند الله مثلان



                                                          أي فالله يشكرها ، ويكون ما بعد الفاء كلاما مبتدأ ، وكان سيبويه يقول : هو على تقديم الخبر كأنه قال إنك تصرع إن يصرع أخوك ، وأما البيت الثاني فلا يختلفون أنه مرفوع بإضمار الفاء ; قال ابن بري : وذكر ثعلب أن هذا البيت للحصين بن القعقاع والمشهور أنه لجرير . وبنو بجلة : حي من العرب ، وقول عمرو ذي الكلب :


                                                          بجيلة ينذروا رميي وفهم     كذلك حالهم أبدا وحالي



                                                          إنما صغر بجلة هذه القبيلة . وبنو بجالة : بطن من ضبة . التهذيب : بجلة حي من قيس عيلان . وبجلة : بطن من سليم ، والنسبة إليهم بجلي ، بالتسكين ; ومنه قول عنترة :


                                                          وآخر منهم أجررت رمحي     وفي البجلي معبلة وقيع



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية