الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وتشبه هذه الترجمة ما يجب نقله ، وما لا يجب وفيه فروع : الأول : المسلم فيه . يجب نقله إن كان قريبا . وفي ضبط القرب خلاف . الأصح : يجب نقله مما دون مسافة القصر والثاني : من مسافة ، لو خرج إليها بكرة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا . هذا في محل يجب التسليم ، فلو طولب في غيره ، فالأصح وجوبه ، إن لم يكن لنقله مؤنة ، والمنع إن كان .

                الثاني : القرض ، وهو كالسلم فيما ذكر .

                الثالث : الغصب ، وهو كالسلم أيضا ، فيجب نقله مما ينقل منه المسلم إليه ، ولو طولب بالمثل في غير بلد الإتلاف ، كلف نقله . إن لم يكن له مؤنة ، وإلا فلا . على الأصح .

                الرابع : المتلف بلا غصب ، وهو كذلك .

                [ ص: 352 ] الخامس : إبل الدية ، يجب نقلها إن قربت المسافة ، لا إن بعدت . قال في الروضة وأصلها : وضبطه بعضهم بمسافة القصر .

                وقال الإمام : إن زادت مؤنة إحضارها مع القيمة على قيمتها في موضع الغرة : لم يلزم نقلها ، وإلا لزم . وضبطه المتولي : بالحد المعتبر في السلم ، وهو معنى ضبطه بمسافة القصر . فإنه الأصح فيه ، كما سبق ، فالحاصل : أن الفروع الخمسة على حد سواء .

                فرع " لو قال المغصوب منه : لا آخذ القيمة ، بل أنتظر وجود المثل ، فله ذلك " ، نقله في البيان . كذا في زوائد الروضة . قال : ويحتمل أن يجيء فيه الخلاف ، في أن صاحب الحق إذا امتنع من قبضه ، هل يجبر ؟ ويمكن الفرق . انتهى .

                ونظيره في السلم : لو انقطع المسلم فيه فقال المسلم : اصبر حتى يوجد ، وإلا افسخ ، أجيب على الصحيح ، وفي القرض كذلك .

                وفي الدية : لو قال المستحق عند إعواز الإبل : لا أطالب الآن بشيء وأصبر إلى أن توجد . قال الإمام : فالظاهر أن الأمر إليه ; لأن الأصل هو الإبل ، ويحتمل أن يقال ، لمن عليه أن يكلفه قبض ما عليه ; لتبرأ ذمته ، فالفروع الخمسة على حد سواء ، في ذلك أيضا .

                فرع آخر :

                قال الإمام : لم يصر أحد من الأصحاب إلى أنه لو أخذ الدراهم ، ثم وجدت الإبل يرد الدراهم ، ويرجع إلى الإبل ، بخلاف ما إذا غرم قيمة المثل في الغصب والإتلاف لإعواز المثل ; ثم وجد ، ففي الرجوع إلى المثل خلاف . والأصح فيهما أيضا ، عدم الرجوع . وفي القرض : إذا أخذ القيمة في بلد ، لا يلزمه فيها أداء المثل ، ثم عاد إلى مكانه ، لا رجوع أيضا ، على الأصح .

                وكذا في السلم إن قلنا بأخذ القيمة في هذه الصورة . [ ص: 353 ] فهذه النظائر الخمسة قد استوت في الأحكام الثلاثة : وجوب النقل من قرب ، دون بعد ، وإجابة المستحق إلى الصبر وعدم الرجوع إن لم يصبر ، وأخذ القيمة ، واستواء السلم ، والقرض ، والغصب ، والإتلاف على المختار في وجوب التحصيل بأكثر . من ثمن المثل . وفارقها في ذلك : الدية .

                فروع :

                من نظائر الفروع الخمسة المذكورة ، في عدم الرجوع عند أخذ القيمة للتعذر : ما لو كان له يدان عاملتان ولم تعرف الزائدة ، فقطع قاطع إحداهما ، فلا قصاص ، ويجب فيها : نصف دية اليد ، وزيادة حكومة ، فلو عاد الجاني ، فقطع الأخرى ، فأراد المجني عليه القصاص ، لإمكانه حينئذ ، ورد ما أخذه غير قدر الحكومة ، فهل له ذلك ؟

                وجهان : أحدهما : لا لأنه أسقط بعض القصاص ، فلا عود إليه ، والثاني نعم ; لأن القصاص لم يكن ممكنا ، وإنما أخذ الأرش لتعذره لا لإسقاطه . كذا في الروضة وأصلها بلا ترجيح قلت : أصحهما الثاني .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية