الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله فلو أجاز من له الخيار بغيبة صاحبه صح ولو فسخ لا ) أي لا يصح في غيبة صاحبه وهذا عندهما وقال أبو يوسف يجوز الفسخ أيضا لأنه مسلط على الفسخ من جهة صاحبه فلا يتوقف على علمه كالإجازة ولهذا لا يشترط رضاه فصار كالوكيل ولهما أنه تصرف في حق الغير وهو العقد بالرفع ولا يعرى عن المضرة لأنه عساه يعتمد تمام البيع السابق فيتصرف فيه فيلزمه غرامة القيمة بالهلاك فيما إذا كان الخيار للبائع أو لا يطلب لسلعته مشتريا فيما إذا كان الخيار للمشتري وهذا نوع ضرر يتوقف على عمله وصار كعزل الوكيل بخلاف الإجازة لأنه لا إلزام فيه ولا يقال إنه مسلط وكيف يقال ذلك وصاحبه لا يملك الفسخ ولا تسليط في غير ما يملكه المسلط كذا في الهداية وفي المعراج وكذا الخلاف في خيار الرؤية ولا خلاف في خيار العيب أنه لا يملكه والخلاف إنما هو في الفسخ بالقول أما إذا فسخ بالفعل فإنه ينفسخ حكما اتفاقا في الحضرة والغيبة لأنه لا يشترط العلم في الحكمي كعزل الوكيل والمضارب والشريك وحجر المأذون له في التجارة بارتداد ولحوق وجنون وبحث في فتح القدير بأنه ينبغي أن يكون الفعل الاختياري كالقول .

                                                                                        والمراد بالغيبة عدم علمه وبالحضرة علمه فلو فسخ في غيبته فبلغه في المدة تم الفسخ لحصول العلم به ولو بلغه بعد مضي المدة تم العقد بمضي المدة قبل الفسخ كذا في الهداية وكذا إذا أجاز البائع بعد فسخه قبل أن يعلم المشتري جاز وبطل فسخه كذا ذكر الإسبيجابي وفي الذخيرة ولو اشترى على أن البائع لو غاب عنه ففسخه عليه جائز فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة و محمد لأن هذا شرط فاسد عندهما ورجح في فتح القدير قول أبي يوسف قال فعلى هذا فالمسائل الموردة نقضا مسلمة لأنها على وفق ما ترجح من قول أبي يوسف لكنا نوردها بناء على تسليم الدليل فمنها أن المخيرة يتم اختيارها لنفسها بلا علم زوجها ويلزمه حكم ذلك وأجيب بأن اللزوم بإيجابه على نفسه ومنها الرجعة ينفرد بها الزوج بلا علمها حتى لو تزوجت بعدها بعد ثلاث حيض فسخ العقد إذا أثبتها وأجيب بأن الطلاق الرجعي لا يرفع النكاح فعليها استكشاف الحال ومنها الطلاق والعتاق والعفو عن القصاص يثبت حكمها بلا علم الآخر وأجيب بأنها إسقاطات ومنها خيار المعتقة يصح بلا علم زوجها وأجيب بأنه لا رواية فيه وعلى التقدير فقد أثبته الشرع مطلقا ومنها خيار المالك في بيع الفضولي بدون علم المتعاقدين وأجيب بكون عقدهما لا وجود له في حق المالك ومنها العدة لازمة عليها وإن لم تعلم بالطلاق وأجيب بأنها واجبة في ضمن الطلاق لا بسببه ا هـ .

                                                                                        وفي جامع الفصولين ولو كان الخيار للمشتريين ففسخ أحدهما بغيبة الآخر لم يجز باعه بخيار ففسخه في [ ص: 19 ] المدة انفسخ فإن قال بعده أجزت وقبل المشتري جاز استحسانا ولو كان الخيار للمشتري فأجاز ثم فسخ وقبل البائع جاز وينفسخ ومن له الخيار لو اختار الرد أو القبول بقلبه فهو باطل لتعلق الأحكام بالظاهر والباطن ا هـ .

                                                                                        قال فيه شرى بخيار فأراد رده فاختفى بائعه قيل للقاضي أن ينصب عن البائع خصما ليرده عليه وقيل لا ا هـ .

                                                                                        وهكذا ذكر الخلاف في المعراج وفتح القدير والله أعلم

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية