الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: والذين يظاهرون ؛ الآية؛ "الذين"؛ رفع بالابتداء؛ وخبرهم "فعليهم تحرير رقبة"؛ ولم يذكر "عليهم"؛ لأن في الكلام دليلا عليه؛ وإن شئت أضمرت "فكفارتهم تحرير رقبة"؛ من قبل أن يتماسا ؛ فاختلف أهل العلم؛ فقال بعضهم: "الكفارة للمسيس"؛ وقال بعضهم: إذا أراد العود إليها؛ والإقامة؛ مس أو لم يمس؛ كفر. [ ص: 135 ] وقوله - عز وجل -: ذلكم توعظون به ؛ المعنى: "ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به"؛ وقال بعض الناس: لا تجب الكفارة حتى يقول ثانية: "أنت علي كظهر أمي"؛ وهذا قول من لا يدري اللغة؛ وهو خلاف قول أهل العلم أجمعين؛ إنما المعنى: "ثم يعودون العودة التي من أجل القول؛ فلتلك العودة تلزم الكفارة"؛ لا لكل عودة؛ وفيها قول آخر للأخفش؛ وهو أن يجعل "لما قالوا"؛ من صلة فتحرير رقبة؛ فالمعنى عنده: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا"؛ فهذا مذهب حسن أيضا؛ والدليل على بطلان هذا القائل أن "ثم يعودون لما قالوا"؛ أن يقول ثانية: "أنت علي كظهر أمي"؛ قول جميع أهل العلم؛ ومتابعته هو إياهم: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا ؛ فأجمعوا أنه ليس فإن فاءوا ؛ فإن حلفوا ثانية؛ ومعنى "فاؤوا"؛ في اللغة؛ و"عادوا"؛ معنى واحد؛ وقوله: من قبل أن يتماسا ؛ كناية عن الجماع؛ ودليل ذلك قوله: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ؛ فالمعنى: "من قبل أن تدخلوا بهن".

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية