الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما انتفى نفعهم بعلمهم ، صح نفيه ، فكانوا وإياها على حد سواء ، ليس لفريق منهما شيء مما نوى ، فيا لها من صفقة خاسرة ، وتجارة كاسدة بائرة ، ولما كان ضرب المثل للشيء لا يصح إلا من العالم بذلك الشيء ، وكان النصير على شيء لا يمكن أن يتوجه إلى معارضته إلا أن يعلمه ويعلم مقدار قدرته ، وعدة جنوده ، وصل بذلك أن هذا شأنه سبحانه وأن شركاءهم في غاية البعد عن ذلك ، فكيف يعلقون بنصرهم آمالهم ، وزاد ذلك ذاك حسنا تعقيبه لنفي العلم عنهم ، فقال إشارة إلى جهلهم في إنكارهم أن يقدر أحد على إهلاك آلهتهم التي [هي] أوهي الأشياء : إن الله أي : الذي له صفات الكمال يعلم بما له من تلك الصفات ما أي : الذي يدعون أي : الذين ضرب لهم المثل ، أو أنتم في قراءة الفوقانية التفاتا إلى أسلوب الخطاب إيذانا بالغضب من دونه إشارة إلى سفول رتبتهم ، وأكد العموم بقوله : من شيء أي : سواء كان نجما أو صنما أو ملكا أو جنينا أو غيره ، وهم لا يعلمونه ولا يعلمون شيئا مما يتوصلون إليه ، فكيف يشفعون عنده أو ينصرون [ ص: 444 ] منه ، وإليه الإشارة بقوله : وهو العزيز أي : عن أن يعلمه شركاؤهم أو يحيط به أحدا علما ، أو يمتنع عليه شيء يريده; وجوزوا أن تكون "ما" نافية ، أي : شيء يعتد به. ولما كان ذلك ربما أفهم أنه لا يعلم أصلا قال : الحكيم أي : البالغ العلم ، الواضع كل شيء يريده في أكمل مواضعه ، فأبطن نفسه بكبريائه وجلاله حتى لا باطن سواه ، وأظهرها بأفعاله وما كشف من جماله حتى لا ظاهر في الحقيقة غيره ، وهو يغلب من شاء بعزته ، ويمهله إن شاء بحكمته ، فلا يغتر أحد بإمهاله فيظن أنه لإهماله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية