الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        108 - الحديث الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه . فإن أبى فليقاتله . فإنما هو شيطان } .

                                        التالي السابق


                                        " أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان خدري . . وقد تقدم الكلام فيه . والحديث يتعرض لمنع المار بين يدي المصلي وبين سترته ، وهو ظاهر . [ ص: 285 ] وفيه دليل على جواز العمل القليل في الصلاة لمصلحتها . ولفظة " المقاتلة " محمولة على قوة المنع ، من غير أن تنتهي إلى الأعمال المنافية للصلاة وأطلق بعض المصنفين من أصحاب الشافعي القول بالقتال . وقال " فليقاتله " على لفظ الحديث . ونقل القاضي عياض : الاتفاق على أنه لا يجوز المشي من مقامه إلى رده ، والعمل الكثير في مدافعته . لأن ذلك في صلاته أشد من مروره عليه . وقد يستدل بالحديث على أنه إذا لم يكن سترة لم يثبت هذا الحكم من حيث المفهوم ، وبعض المصنفين من أصحاب الشافعي نص على أنه إذا لم يستقبل شيئا أو تباعد عن السترة ، فإن أراد أن يمر وراء موضع السجود : لم يكره . وإن أراد أن يمر في موضع السجود : كره ، ولكن ليس للمصلي أن يقاتله ، وعلل ذلك بتقصيره ، حيث لم يقرب من السترة ، أو ما هذا معناه . ولو أخذ من قوله " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره " جواز التستر بالأشياء عموما : لكان فيه ضعف . لأن مقتضى العموم جواز المقاتلة عند وجود كل شيء ساتر ، لا جواز الستر بكل شيء ، إلا أن يحمل الستر على الأمر الحسي ، لا الأمر الشرعي . وبعض الفقهاء كره التستر بآدمي أو حيوان غيره ، لأنه يصير في صورة المصلى إليه ، وكرهه مالك في المرأة . وفي الحديث دليل على جواز إطلاق لفظ " الشيطان " في مثل هذا . والله أعلم




                                        الخدمات العلمية