الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ختم هذه الآية بما أفهم أنهم لا يعلمون ، والتي قبلها بأن أكثرهم لا يعقلون ، سبب عن ذلك قوله : فإذا أي : فتسبب عن عدم عقلهم المستلزم لعدم علمهم أنهم إذا ركبوا أي : البحر في الفلك أي : السفن دعوا الله أي : الملك الأعلى المحيط بكل شيء إذا أصابتهم مصيبة خافوا منها الهلاك مخلصين بالتوحيد له الدين بالإعراض عن شركائهم بالقلب واللسان ، لما هم له محققون أنه لا منجي عند تلك الشدائد غيره فلما نجاهم أي : الله سبحانه ، موصلا لهم إلى البر إذا هم أي : حين الوصول إلى البر [ ص: 477 ] يشركون فصح أنهم لا يعلمون ، لأنهم لا يعقلون ، حيث يقرون بعجز آلهتهم ويشركونها معه ، ففي ذلك أعظم التهكم بهم; قال البغوي : قال عكرمة : كانوا إذا ركبوا البحر حملوا [معهم] الأصنام ، فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها في البحر وقالوا يا رب! يا رب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الرازي في اللوامع : وهذا دليل على أن معرفة الرب في فطرة كل إنسان ، وأنهم إن غفلوا في السراء فلا شك أنهم يلوذون إليه في حال الضراء - انتهى. فعلم أن الاشتغال بالدنيا هو الصاد عن كل خير وأن الانقطاع عنها معين للفطرة [الأولى المستقيمة ، ولهذا نجد الفقراء أقرب إلى كل خير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية