الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      دليل الحيران على مورد الظمآن

      المارغني - إبراهيم بن أحمد المارغني

      ثم قال الناظم:

      من سورة الأعراف حتى مريما تذكرون الشام ياء قدما


      وواو ما كنا له أبينا     بعكس قال بعد مفسدينا

      [ ص: 350 ]

      بكل ساحر معا هل بالألف     وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف


      بالألف الشام إذ أنجاكم ومن     مع تحتها آخر توبة يعن


      للمك والذين بعد المدني     والشام لا واو بها فاستبن


      كلمة الثاني بيونس هما     بالتا وفي العراق بالها ارتسما


      وفي يسيركم ينشركم     للشام قل سبحان قال قد رسم


      له وللمكي ثم منهما     منقلبا منها العراقي رسما


      معا خراجا بخلاف قد أتى     وفخراج للجميع أثبتا


      مكنني للمك نونا ثانيا     والكل آتوني معا بغير يا

      من هنا شرع الناظم في الربع الثاني من "الإعلان"، وأوله من سورة "الأعراف" إلى سورة "مريم"، وقد ذكر في هذا الربع بقية مواضعه التي اختلفت فيها المصاحف، وجملتها ثلاثة عشر موضعا:

      الموضع الأول: قليلا ما تذكرون في أول "الأعراف" قال في "المقنع": في مصاحف أهل الشام: "قليلا ما يتذكرون" بالياء والتاء، وفي سائر المصاحف: تذكرون بالتاء من غير ياء.

      الموضع الثاني: وما كنا لنهتدي في الأعراف أيضا، قال في "المقنع" في مصاحف أهل الشام : "ما كنا لنهتدي" بغير واو قبل "ما"، وفي سائر المصاحف "وما" بالواو.

      الموضع الثالث: "وقال الملأ الذين استكبروا"، الواقع بعد: مفسدين في "الأعراف" أيضا، قال في "المقنع": في مصاحف أهل الشام في قصة صالح: " وقال الملأ الذين استكبروا" بزيادة واو قبل: "قال"، وفي سائر المصاحف "قال" بغير واو، ومعنى قول الناظم "أبينا" حذف، والضمير في قوله: "له" يعود على المصحف الشامي، وقوله: "بعكس" قال معناه: أن حذف الواو قبل: ما كنا عكس إثباتها قبل قال الواقع بعد: مفسدين .

      الموضع الرابع: بكل ساحر في سورتي "الأعراف"، و: "يونس" ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال في "الأعراف": وفي بعضها -يعني بعض المصاحف-: يأتوك بكل سحار عليم الألف بعد الحاء، وفي بعضها ساحر الألف قبل الحاء، ثم قال في "يونس"، وفي بعضها: "وقال فرعون ائتوني بكل سحار" الألف بعد الحاء، [ ص: 351 ] وفي بعضها: "سحر" بغير ألف. اه.

      ومثله لأبي داود، وقد خالف الشيخان بين الموضعين كما ترى في النقل، ولكن المتحصل في كل منهما ثلاثة أوجه: حذف الألف وثبته وهذان الوجهان هما اللذان ذكرهما صاحب المورد، وإليهما الإشارة بقول الناظم: "بكل ساحر معا هل بالألف".

      الوجه الثالث: ثبت الألف متأخرا عن الحاء، وهذا ومقابله هما المشار إليهما بقول الناظم: "وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف"، أي: هل يلي الألف الحاء أو هو قبلها، ثم أجاب عنه بأن المصاحف اختلفت في ذلك، وهذا الخلاف مفرع على أحد وجهي الخلاف المتقدم بالإثبات ومقابله، وإنما أعاد الناظم في الشطر الأول الخلاف الذي في المورد، ولم يقتصر على الخلاف الذي ذكره في الشطر الثاني مع أنه هو المقصود بالذات; لئلا يتوهم من الاقتصار على الخلاف بتقدم الألف، وتأخرها في هذين الموضعين خروجهما من الخلاف المذكور في "المورد" بالحذف والإثبات.

      الموضع الخامس: وإذ أنجيناكم ، قال في "المقنع": وفيها أي: في "الأعراف" في مصاحف أهل الشام : "وإذ أنجاكم من آل فرعون" بألف من غير ياء ولا نون، وفي سائر المصاحف: أنجيناكم بالياء والنون من غير ألف. اه.

      وقد اكتفى الناظم في كيفية رسم هذا اللفظ للشامي وغيره بالإشارة عن العبارة اعتمادا على شهرة ذلك.

      الموضع السادس: من تحتها الأنهار قال في "المقنع": وفيها أي: في "براءة" في مصاحف أهل مكة: تجري من تحتها الأنهار بعد رأس المائة بزيادة "من"، وفي سائر المصاحف بغير "من" اهـ.

      والمراد به الواقع في حزب: إنما السبيل ، وهو معنى قول "المقنع" بعد رأس المائة، وقول الناظم "آخر توبة".

      الموضع السابع: الذين اتخذوا مسجدا ضرارا قال في "المقنع": وفي "براءة" في مصاحف أهل المدينة والشام : الذين اتخذوا مسجدا ضرارا بغير واو قبل الذين، وفي سائر المصاحف: والذين بالواو.

      الموضع الثامن: "إن الذين حقت عليهم كلمت ربك" في "يونس" ذكره في "المقنع" في باب ذكر ما رسم في المصاحف من هاءات التأنيث بالتاء، فقال: فإني وجدت الحرف الثاني من "يونس" في مصاحف أهل العراق بالهاء، ثم أسند [ ص: 352 ] إلى أبي الدرداء أنه في مصاحف أهل الشام "كلمات" على الجمع، ثم قال أبو عمرو : ووجدته أنا في المصاحف المدنية "كلمات" بالتاء على قراءتهم اه.

      ولم يذكر فيه عن المكي شيئا، وقد ذكر في "التنزيل" أن الذي في "الأنعام"، والذين في "يونس"، والذي في "الطول" كتبت في مصاحف أهل المدينة بالتاء، وأن مصاحف أهل الأمصار اختلفت فيها، وضميرهما في كلام الناظم يعود على المدني والشامي.

      الموضع التاسع: هو الذي يسيركم قال في "المقنع": وفي "يونس" في مصاحف أهل الشام : "هو الذي ينشركم في البر والبحر" بالنون والشين، وفي سائر المصاحف "يسيركم" بالسين والياء.

      الموضع العاشر: قال سبحان قال في "المقنع" وفي "سبحان" في مصاحف أهل مكة والشام : قل سبحان ربي هل كنت بالألف، وفي سائر المصاحف: "قل" بغير ألف.

      الموضع الحادي عشر: "خيرا منهما منقلبا" قال في "المقنع": وفي "الكهف" في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام : خيرا منها منقلبا بزيادة ميم بعد الهاء على التثنية، وفي سائر مصاحف أهل العراق : "خيرا منها" بغير ميم على التوحيد.

      الموضع الثاني عشر: (خراجا معا) ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال: في "الكهف"، وفي بعض المصاحف: "فهل نجعل لك خراجا" بالألف، وبعضها: خرجا بغير ألف. اه.

      وقال: في سورة "المؤمنون" مثله.

      الموضع الثالث عشر: "مكنني" قال في "المقنع": وفيها أي: في "الكهف" في مصاحف أهل مكة : "ما مكنني فيه ربي" بنونين، وفي سائر المصاحف بنون واحدة اه.

      ثم استطرد الناظم ذكر موضعين اتفقت المصاحف على رسمها، واختلف القراء فيهما:

      الموضع الأول: فخراج ربك خير ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال: في "المؤمنون" بعد ذكر الخلاف في "خراجا" بها ما نصه: وكتبوا: فخراج ربك في جميع المصاحف بالألف اه.

      ولما ذكر أبو داود: فخراج بنحو ما ذكره أبو عمرو قال: ولا أعلم حرفا اختلف القراء في حذف الألف فيه وإثباته واجتمعت المصاحف على إثباته غير هذا. اه.

      وإنما لم يذكر الناظم الخلاف في ثبوت الألف بعد ياء: "ريشا" في [ ص: 353 ] "الأعراف" وإن نص عليه أبو عمرو، ولعدم مطابقته لقراءة سبعية إلا ما روي في طريق عن عاصم، كما لم يذكر الخلاف في ثبوت الألف عوض الياء بعد الذال من: والجار ذي القربى في "النساء"، وإن نص عليه أبو عمرو وأيضا في سورته.

      الموضع الثاني: آتوني معا في "الكهف" ذكره في "المقنع" في باب ما اتفقت على رسمه مصاحف أهل الأمصار، فقال: وكتبوا: قال آتوني أفرغ عليه قطرا بغير ياء؛ قال: وكذلك كتبوا الحرف الأول: ردما آتوني بغير ياء. اه. قبل التاء في الموضعين.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية