الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 112 ] ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور رجلين أو رجل وامرأتين ، ولا بد في الشهود من صفة الحرية والإسلام ، ولا تشترط العدالة ( ف ) ، وينعقد بشهادة العميان ، وإذا تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين جاز ( م ) ، ولا يظهر عند جحوده .

[ ص: 112 ]

التالي السابق


[ ص: 112 ] قال : ( ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور رجلين ، أو رجل وامرأتين ، ولا بد في الشهود من صفة الحرية والإسلام ، ولا تشترط العدالة ) فالشهود شرط لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا نكاح إلا بشهود " ، وروى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الزانية التي تنكح نفسها بغير بينة " .

وأما صفة الشهود ، قال أصحابنا : كل من ملك القبول بنفسه انعقد العقد بحضوره ومن لا فلا ، وهذا صحيح ; لأن كل واحد من الشهادة والقبول شرط لصحة العقد فجاز اعتبار أحدهما بالآخر ، ولا بد فيه من اعتبار الحرية والعقل والبلوغ في الشاهد ; لأن العبد والصبي والمجنون ليسوا من أهل الشهادة لما مر في الشهادات ولا يملكون القبول بأنفسهم ; ولا بد من اعتبار الإسلام في نكاح المسلمين لعدم ولاية الكافر على المسلم ، ويجوز بشهادة رجل وامرأتين اعتبارا بالشهادة على المال على ما بيناه في الشهادات ، وينعقد بحضور الفاسقين ; لأن النص لا يفصل ، ولأنه يملك القبول بنفسه كالعدل ، ولأنه غير مسلوب الولاية عن نفسه فلا يسلبها عن غيره لأنه من جنسه ، ولأنه تحمل فيجوز ; لأن الفسق يؤثر في الشهادة للتهمة وذلك عند الأداء . أما التحمل فأمر مشاهد لا تهمة فيه ، وانعقاد النكاح لا يتوقف على شهادة من يثبت بشهادته كمن ظاهره العدالة ولا يعلم باطنه ، ولهذا ينعقد بشهادة ابنيهما وابنيها من غيرها ، ولا يظهر بشهادتهم عند دعوى القريب لما أن العقد لا يتوقف إلا على الحضور لا على من يثبت بشهادته .

قال : ( وينعقد بشهادة العميان ) ; لأنهم من أهل الشهادة حتى لو حكم بها حاكم جاز لأنه مجتهد فيه ، فإن مالكا يجوز شهادته وأبا يوسف يجيزها إذا تحملها بصيرا ، وإذا كان من أهل الشهادة صار كالبصير لأنه يملك القبول بنفسه ، والمحدود في القذف إن تاب فهو من أهل الشهادة ، حتى لو حكم بشهادته حاكم جاز ، وإن لم يتب فهو فاسق وقد مر .

قال : ( وإذا تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين جاز ولا يظهر عند جحوده ) وقال محمد : لا [ ص: 113 ] يجوز لأنه لا شهادة للكافر على المسلم ، والسماع في النكاح شهادة فصار كأنهم سمعوا كلام المرأة وحدها . ولهما أن العقد يثبت بشهادتهما لو جحدت ; وإذا جاز أن يثبت بشهادتهما فلأن ينعقد بحضرتهما أولى ، ولأن الانعقاد لا يتوقف على سماع من يثبت به العقد لما مر ، ولأن سماع الكفار صحيح في حق المسلم حتى لو أسلما بعد ما سمعا ذميين جازت شهادتهما ، ولأن الشهادة شرطت في الانعقاد لإثبات الملك إظهارا لخطر المحل لا لوجوب المهر لما بينا وقد وجدت فيثبت الملك ، بخلاف ما إذا لم يسمعا كلامه ; لأن العقد إنما ينعقد بكلامه ، والشهادة على العقد شرط .




الخدمات العلمية