الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 47 ] وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      وما هذه الحياة الدنيا إشارة تحقير وازدراء الدنيا، وكيف لا؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء". إلا لهو ولعب أي: إلا كما يلهى ويلعب به الصبيان، يجتمعون عليه ويبتهجون به ساعة، ثم يتفرقون عنه. وإن الدار الآخرة لهي الحيوان أي: لهي دار الحياة الحقيقية لامتناع طريان الموت والفناء عليها، أو هي في ذاتها حياة للمبالغة. و "الحيوان" مصدر حي سمي به ذو الحياة، وأصله "حييان" فقلبت الياء الثانية واوا لما في بناء فعلان من معنى الحركة، والاضطراب اللازم للحيوان، ولذلك اختير على الحياة في هذا المقام المقتضي للمبالغة. لو كانوا يعلمون أي: لما آثروا عليها الدنيا التي أصلها عدم الحياة، ثم ما يحدث فيها من الحياة عارضة سريعة الزوال، وشيكة الاضمحلال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية