الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زجر ]

                                                          زجر : الزجر : المنع والنهي والانتهار . زجره يزجره زجرا وازدجره فانزجر وازدجر . قال الله تعالى : وازدجر فدعا ربه أني مغلوب فانتصر قال : يوضع الازدجار موضع الانزجار فيكون لازما ، وازدجر كان في الأصل ازتجر ، فقلبت التاء دالا لقرب مخرجيهما واختيرت الدال ؛ لأنها أليق بالزاي من التاء . وفي حديث العزل : كأنه زجر ؛ أي نهى عنه ، وحيث وقع الزجر في الحديث فإنما يراد به النهي . وزجر السبع والكلب وزجر به : نهنهه . قال سيبويه : وقالوا هو مني مزجر الكلب أي بتلك المنزلة فحذف وأوصل ، وهو من الظروف المختصة التي أجريت مجرى غير المختصة . قال : ومن العرب من يرفع بجعل الآخر هو الأول ، وقوله :


                                                          من كان لا يزعم أني شاعر فليدن مني تنهه المزاجر



                                                          عنى الأسباب التي من شأنها أن تزجر ، كقولك نهته النواهي ، ويروى :


                                                          من كان لا يزعم أني شاعر     فيدن مني . . . . .



                                                          أراد فليدن فحذف اللام ، وذلك أن الخبن في مثل هذا أخف على ألسنتهم والإتمام عربي . وزجرت البعير حتى ثار ومضى أزجره زجرا ، وزجرت فلانا عن السوء فانزجر ، وهو كالردع للإنسان ، وأما للبعير فهو كالحث بلفظ يكون زجرا له . قال الزجاج : الزجر النهر ، الزجر للطير وغيرها التيمن بسنوحها والتشاؤم ببروحها ، وإنما سمي الكاهن زاجرا لأنه إذا رأى ما يظن أنه يتشاءم به زجر بالنهي عن المضي في تلك الحاجة برفع صوت وشدة ، وكذلك الزجر للدواب والإبل والسباع . الليث : الزجر أن تزجر طائرا أو ظبيا سانحا أو بارحا فتطير منه ، وقد نهي عن الطيرة . والزجر : العيافة ، وهو ضرب من التكهن ؛ تقول : زجرت أنه يكون كذا وكذا . وفي الحديث : كان شريح زاجرا شاعرا ؛ الزجر للطير هو التيمن والتشاؤم بها والتفؤل بطيرانها كالسانح والبارح ، وهو نوع من الكهانة والعيافة . وزجر البعير أي ساقه . وفي حديث ابن مسعود : من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ، فهو زاجر ؛ من زجر الإبل يزجرها إذا حثها وحملها على السرعة ، والمحفوظ راجز ، وسنذكره في موضعه ؛ ومنه الحديث : فسمع وراءه زجرا ؛ أي صياحا على الإبل وحثا . قال الأزهري : وزجر البعير أن يقال له : حوب ، وللناقة : حل . وأما البغل فزجره : عدس . مجزوم ؛ ويزجر السبع فيقال له : هج هج وجه جه وجاه جاه . ابن سيده : وزجر الطائر يزجره زجرا وازدجره تفاءل به وتطير فنهاه ونهره ؛ قال الفرزدق :


                                                          وليس ابن حمراء العجان بمفلتي     ولم يزدجر طير النحوس الأشائم



                                                          والزجور من الإبل : التي تدر على الفصيل إذا ضربت ، فإذا تركت منعته ، وقيل : هي التي لا تدر حتى تزجر وتنهر . ابن الأعرابي : يقال للناقة العلوق زجور ؛ قال الأخطل :


                                                          والحرب لاقحة لهن زجور

                                                          وهي التي ترأم بأنفها وتمنع درها . الجوهري : الزجور من الإبل التي تعرف بعينها وتنكر بأنفها . وبعير أزجر : في فقاره انخزال من داء أو دبر . وزجرت الناقة بما في بطنها زجرا رمت به ودفعته . والزجر ضرب من السمك عظام صغار الحرشف ، والجمع زجور ، يتكلم به أهل العراق ؛ قال ابن دريد : ولا أحسبه عربيا ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية