الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (36) قوله : ومن يعش : العامة على ضم الشين من عشا يعشو أي : يتعامى ويتجاهل . وقتادة ويحيى بن سلام " يعش " بفتحها [ ص: 587 ] بمعنى يعم . وزيد بن علي " يعشو " بإثبات الواو . قال الزمخشري : " على أن " من " موصولة وحق هذا أن يقرأ نقيض بالرفع " . قال الشيخ : " ولا تتعين موصوليتها بل تخرج على وجهين : إما تقدير حذف حركة حرف العلة ، وقد حكاها الأخفش لغة ، وتقدم منه في سورة يوسف شواهد ، وإما على أنه جزم بـ " من " الموصولة تشبيها لها بـ " من " الشرطية " . قال : " وإذا كانوا قد جزموا بـ " الذي " ، وليس بشرط قط فأولى بما استعمل شرطا وغير شرط . وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                      3993 - ولا تحفرن بئرا تريد أخا بها فإنك فيها أنت من دونه تقع




                                                                                                                                                                                                                                      كذاك الذي يبغي على الناس ظالما     يصبه على رغم عواقب ما صنع



                                                                                                                                                                                                                                      قال : " وهو مذهب الكوفيين ، وله وجه من القياس : وهو أن " الذي " أشبهت اسم الشرط في دخول الفاء في خبرها ، فتشبه اسم الشرط في الجزم أيضا . إلا أن دخول الفاء منقاس بشرطه ، وهذا لا ينقاس " .

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال : عشا يعشو ، وعشي يعشى . فبعضهم جعلهما بمعنى ، وبعضهم فرق : بأن عشي يعشى إذا حصلت الآفة من بصره ، وأصله الواو وإنما قلبت ياء لانكسار ما قبلها كرضي يرضى وعشا يعشو أي : تفاعل ذلك . ونظر نظر [ ص: 588 ] العشي ولا آفة ببصره ، كما قالوا : عرج لمن به آفة العرج ، وعرج لمن تعارج ، ومشى مشية العرجان . قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      3994 - أعشو إذا ما جارتي برزت     حتى يواري جارتي الخدر



                                                                                                                                                                                                                                      أي : أنظر نظر العشي . وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                      3995 - متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد



                                                                                                                                                                                                                                      أي : تنظر نظر العشي لضعف بصره من كثرة الوقود . وفرق بعضهم : بأن عشوت إلى النار إذا استدللت عليها بنظر ضعيف وقيل : وقال الفراء : " عشا يعشى يعرض ، وعشي يعشى عمي " . إلا أن ابن قتيبة قال : " لم نر أحدا حكى عشوت عن الشيء : أعرضت عنه ، وإنما يقال : تعاشيت عن كذا إذا تغافلت عنه وتعاميت " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة " نقيض " بنون العظمة . وعلي بن أبي طالب والأعمش ويعقوب والسلمي وأبو عمرو وعاصم في رواية عنهما " يقيض " بالياء من تحت [ ص: 589 ] أي : يقيض الرحمن . و " شيطانا " نصب في القراءتين . وابن عباس " يقيض " مبنيا للمفعول ، " شيطان " بالرفع ، قائم مقام الفاعل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية