الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ( 41 ) )

يقول تعالى ذكره : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة . والذين هاهنا رد على الذين يقاتلون .

ويعني بقوله : ( إن مكناهم في الأرض ) إن وطنا لهم في البلاد ، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها ، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول : إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة ، أطاعوا الله ، فأقاموا الصلاة بحدودها ، وآتوا الزكاة : يقول : وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له ( وأمروا بالمعروف ) يقول : ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله ( ونهوا عن المنكر ) يقول : ونهوا عن الشرك بالله ، والعمل بمعاصيه ، الذي ينكره أهل الحق والإيمان بالله ( ولله عاقبة الأمور ) يقول : ولله آخر أمور الخلق ، يعني أن إليه مصيرها في الثواب عليها ، والعقاب في الدار الآخرة .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .

[ ص: 652 ] ذكر من قال ذلك : حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسين الأشيب ، قال : ثنا أبو جعفر عيسى بن ماهان ، الذي يقال له الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له; ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان . قال : فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف ، ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية