الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم

عطف على جملة إنا جعلناه قرآنا عربيا فهو زيادة في الثناء على هذا الكتاب ثناء ثانيا للتنويه بشأنه رفعة وإرشادا .

وأم الكتاب : أصل الكتاب . والمراد بـ ( أم الكتاب ) علم الله تعالى كما في قوله : وعنده أم الكتاب في سورة الرعد ، لأن الأم بمعنى الأصل والكتاب هنا بمعنى المكتوب ، أي المحقق الموثق وهذا كناية عن الحق الذي لا يقبل التغيير لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يحققوا عهدا على طول مدة كتبوه في صحيفة ، قال الحارث بن حلزة :


حذر الجور والتطاخي وهل ين قض ما في المهارق الأهواء



و علي أصله المرتفع ، وهو هنا مستعار لشرف الصفة وهي استعارة شائعة .

وحكيم : أصله الذي الحكمة من صفات رأيه ، فهو هنا مجاز لما يحوي الحكمة بما فيه من صلاح أحوال النفوس والقوانين المقيمة لنظام الأمة .

ومعنى كون ذلك في علم الله : أن الله علمه كذلك وما علمه الله لا يقبل الشك . ومعناه : أن ما اشتمل عليه القرآن من المعاني هو من مراد الله وصدر عن علمه .

ويجوز أيضا أن يفيد هذا شهادة بعلو القرآن وحكمته على حد قولهم في اليمين : الله يعلم ، و : علم الله .

وتأكيد الكلام بـ ( إن ) لرد إنكار المخاطبين إذ كذبوا أن يكون القرآن موحى به من الله .

و لدينا ظرف مستقر هو حال من ضمير إنه أو من أم الكتاب [ ص: 163 ] والمقصود : زيادة تحقيق الخبر وتشريف المخبر عنه .

وقرأ الجمهور في أم الكتاب بضم همزة أم . وقرأه حمزة والكسائي بكسر همزة إم الكتاب في الوصل اتباعا لكسرة ( في ) ، فلو وقف على ( في ) لم يكسر الهمزة .

التالي السابق


الخدمات العلمية