الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون الروضة الأرض ذات النبات والماء، وفي المثل: أحسن من بيضة في روضة، يريدون بيضة النعامة، وباعتبار الماء قيل: أرض الوادي، واستراض أي كثر ماؤه، وأراضهم أرواهم بعض الري من أراض الحوض إذا صب فيه من الماء ما يواري أرضه، ويقال: شربوا حتى أراضوا، أي شربوا عللا بعد نهل. وقيل: معنى أراضوا صبوا اللبن على اللبن، وظاهر تفسير الكثير للروضة اعتبار النبات والماء فيها، وأظن أن ابن قتيبة صرح بأنه لا يقال: الأرض ذات نبات بلا ماء روضة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي البستان الحسن ، وقيل: موضع الخضرة، وقال الخفاجي: الروضة البستان وتخصيصها بذات الأنهار بناء على العرف، وأيا ما كان فتنوينها هنا للتفخيم، والمراد بها الجنة، والحبر السرور يقال: حبره يحبره بالضم حبرا وحبرة وحبورا إذا سره سرورا تهلل له وجهه، وظهر فيه أثره، وفي المثل: امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينتظرون العبرة، وحكى الكسائي: حبرته، أكرمته ونعمته، وقيل: الحبرة كل نعمة حسنة، والتحبير التحسين، ويقال: فلان حسن الحبر والسبر بالفتح، إذا كان جميلا حسن الهيئة، واختلفت الأقوال في تفسيره هنا فأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك أنهما قالا: يحبرون يكرمون.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج جماعة عن مجاهد (يحبرون) ينعمون، وقال أبو بكر بن عياش: يتوجون على رؤوسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن كيسان: يحلون، وقال الأوزاعي، ووكيع، ويحيى بن أبي كثير: يسمعون الأغاني.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، عن الأخير أنه قال: (قيل: يا رسول الله، ما الحبر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: اللذة والسماع).

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر بعضهم أن الظاهر يسرون، ولم يذكر ما يسرون به، إيذانا بكثرة المسار، وما جاء في الخبر فمن باب الاقتصار على البعض، ولعل السائل كان يحب السماع، فذكره صلى الله تعالى عليه وسلم له لذلك، والتعبير بالمضارع للإيذان بتجدد السرور لهم، ففي كل ساعة يأتيهم ما يسرون به من متجددات الملاذ وأنواعها المختلفة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية