الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قرأ الجمهور ( قل ) بصيغة فعل الأمر لمفرد فيكون أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقوله جوابا عن قول المشركين إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون .

وقرأ ابن عامر وحفص ( قال ) بصيغة فعل المضي المسند إلى المفرد الغائب فيكون الضمير عائدا إلى نذير الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون . فحصل من القراءتين أن جميع الرسل أجابوا أقوامهم بهذا الجواب ، وعلى كلتا القراءتين جاء فعل ( قل ) أو ( قال ) مفصولا غير معطوف لأنه واقع في مجال المحاورة كما تقدم غير مرة ، منها قوله تعالى : قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في سورة البقرة .

وقرأ الجمهور ( جئتكم ) بضمير تاء المتكلم . وقرأ أبو جعفر ( جئناكم ) بنون ضمير المتكلم المشارك وأبو جعفر من الذين قرأوا ( قل ) بصيغة الأمر فيكون ضمير ( جئناكم ) عائدا للنبيء صلى الله عليه وسلم المخاطب بفعل ( قل ) لتعظيمه صلى الله عليه وسلم من جانب ربه تعالى الذي خاطبه بقوله : ( قل ) .

والواو في قوله : ( أولو ) عاطفة الكلام المأمور به على كلامهم ، وهذا العطف مما يسمى عطف التلقين ، ومنه قوله تعالى عن إبراهيم : قال ومن ذريتي .

[ ص: 190 ] والهمزة للاستفهام التقريري المشوب بالإنكار . وقدمت على الواو لأجل التصدير .

و ( لو ) وصلية ، و ( لو ) الوصلية تقتضي المبالغة بنهاية مدلول شرطها كما تقدم عند قوله تعالى : ولو افتدى به في آل عمران ، أي لو جئتكم بأهدى من دين آبائكم تبقون على دين آبائكم وتتركون ما هو أهدى .

والمقصود من الاستفهام تقريرهم على ذلك لاستدعائهم إلى النظر فيما اتبعوا فيه آباءهم لعل ما دعاهم إليه الرسول أهدى منهم .

وصوغ اسم التفضيل من الهدي إرخاء للعنان لهم ليتدبروا ، نزل ما كان عليه آباؤهم منزلة ما فيه شيء من الهدى استنزالا لطائر المخاطبين ليتصدوا للنظر كقوله : وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .

التالي السابق


الخدمات العلمية