الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (قال رب أنى يكون لي غلام) أي: كيف يكون؟! .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الكميت:


                                                                                                                                                                                                                                      أنى ومن أين آبك الطرب



                                                                                                                                                                                                                                      قال العلماء ، منهم الحسن ، وابن الأنباري ، وابن كيسان: كأنه قال: من أي: وجه يكون لي الولد؟ أيكون بإزالة العقر عن زوجتي ، ورد شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام ، لا على وجه الشك . قال الزجاج: يقال: غلام بين الغلومية ، وبين الغلامية ، وبين الغلومة . قال شيخنا أبو منصور اللغوي: الغلام: فعال ، من الغلمة ، وهي شدة شهوة النكاح . ويقال: للكهل: غلام .

                                                                                                                                                                                                                                      قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 385 ]

                                                                                                                                                                                                                                      غلام إذا هز القناة سقاها



                                                                                                                                                                                                                                      وكأن قولهم للكهل: غلام ، أي: قد كان مرة غلاما . وقولهم للطفل: غلام على معنى التفاؤل ، أي: سيصير غلاما . قال: وقيل: الغلام الطار الشارب ، ويقال: للجارية: غلامة . قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      يهان لها الغلامة والغلام



                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وقد بلغني الكبر أي: وقد بلغت الكبر ، قال الزجاج: كل شيء بلغته فقد بلغك . وفي سنة يومئذ ستة أقوال . أحدها: أنه كن ابن مائة وعشرين سنة ، وامرأته بنت ثمان وتسعين سنة ، قاله ابن عباس . والثاني: أنه كان ابن بضع وسبعين سنة ، قاله قتادة . والثالث: ابن خمس وسبعين ، قاله مقاتل . والرابع: ابن سبعين ، حكاه فضيل بن غزوان . والخامس: ابن خمس وستين . والسادس: ابن ستين ، حكاهما الزجاج . قال اللغويون: والعاقر من الرجال والنساء: الذي لا يأتيه الولد ، وإنما قال: "عاقرا" ولم يقل: عاقرة ، لأن الأصل في هذا الوصف للمؤنث ، والمذكر فيه كالمستعار ، فأجري مجرى "طالق" ، "حائض" هذا قول الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية