الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال أبو الحسن: (وهذا شرح اختلاف الناس في "التجسيم": قد أخبرنا عن المنكرين للتجسيم أنهم يقولون: أن الباري تعالى ليس بجسم ولا محدود ولا ذي نهاية، ونحن الآن نخبر عن أقاويل المجسمة واختلافهم في التجسيم ).

قلت: وهذا الذي أحال عليه ذكره في قول المعتزلة فقال: (هذا شرح قول "المعتزلة" في التوحيد وغيره: أجمعت المعتزلة على أن الله واحد ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وليس بجسم، ولا شبح ولا جثة، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا شخص، ولا جوهر، ولا عرض، ولا بذي لون، ولا طعم، ولا رائحة، ولا مجسة، ولا بذي حرارة، ولا برودة، ولا رطوبة، ولا يبوسة، ولا طول ولا عرض، ولا عمق، ولا اجتماع، ولا افتراق، ولا يتحرك، ولا يسكن، ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض ولا أجزاء، [ ص: 552 ] وجوارح وأعضاء؛ وليس بذي جهات، ولا بذي يمين ولا شمال وأمام وخلف وفوق وتحت،، ولا يحيط به مكان، ولا يجري عليه زمان، ولا تجوز عليه المماسة، ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم، ولا يوصف بأنه متناه، ولا يوصف بمساحة، ولا ذهاب في الجهات، وليس بمحدود، ولا والد ولا مولود، ولا تحيط به الأقدار، ولا تحجبه الأستار، ولا تدركه الحواس، ولا يقاس بالناس، ولا يشبه الخلق بوجه من الوجوه، ولا تجري عليه الآفات، ولا تحل به العاهات، وكل ما خطر بالبال وتصور بالوهم فغير مشبه له، ولم يزل أولا سابقا متقدما للمحدثات، موجودا قبل المخلوقات، ولم يزل عالما قادرا حيا، ولا يزال كذلك، لا تراه العيون، ولا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأوهام، ولا يسمع بالأسماع، شيء لا كالأشياء، عالم قادر حي لا كالعلماء [ ص: 553 ] القادرين الأحياء، وأنه قديم وحده، ولا قديم غيره، ولا إله سواه ولا شريك له في ملكه، ولا وزير له في سلطانه، ولا معين على إنشاء ما أنشأ، وخلق ما خلق، لم يخلق الخلق على مثال سبق، وليس خلق شيء بأهون عليه من خلق شيء آخر ولا بأصعب منه؛ لا يجوز عليه اجترار المنافع ولا تلحقه المضار، ولا يناله السرور واللذات، ولا يصل إليه الأذى والآلام، ليس بذي غاية فيتناهى ولا يجوز عليه الفناء، ولا يلحقه العجز والنقص، تقدس عن ملامسة النساء، وعن اتخاذ الصاحبة والأبناء ).

قال أبو الحسن: (فهذه جملة قولهم في التوحيد؛ وقد شركهم في هذه الجملة الخوارج وطوائف من الشيع، وإن كانوا للجملة التي يظهرونها ناقضين، ولها تاركين ).

ثم ذكر من اختلافهم في مسائل الصفات ما ليس هذا موضع حكايته كلاما طويلا [ ص: 554 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية