الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ( 29 ) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ( 30 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه نوح عليه السلام : وقل إذا سلمك الله ، وأخرجك من الفلك ، فنزلت عنها : ( رب أنزلني منزلا ) من الأرض ( مباركا وأنت خير ) من أنزل عباده المنازل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( منزلا مباركا ) قال : لنوح حين نزل من السفينة .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين . قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن [ ص: 28 ] مجاهد ، مثله .

واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار : ( رب أنزلني منزلا مباركا ) بضم الميم وفتح الزاي ، بمعنى : أنزلني إنزالا مباركا . وقرأه عاصم ( منزلا ) بفتح الميم وكسر الزاي . بمعنى : أنزلني مكانا مباركا وموضعا .

وقوله : ( إن في ذلك لآيات ) يقول تعالى ذكره : إن فيما فعلنا بقوم نوح يا محمد ، من إهلاكناهم إذ كذبوا رسلنا ، وجحدوا وحدانيتنا وعبدوا الآلهة والأصنام - لعبرا لقومك من مشركي قريش ، وعظات وحججا لنا ، يستدلون بها على سنتنا في أمثالهم ، فينزجروا عن كفرهم ، ويرتدعوا عن تكذيبك ، حذرا أن يصيبهم مثل الذي أصابهم من العذاب .

وقوله : ( وإن كنا لمبتلين ) يقول تعالى ذكره : وكنا مختبريهم بتذكيرنا إياهم بآياتنا ، لننظر ما هم عاملون قبل نزول عقوبتنا بهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية