الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 310 ] حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

قال ابن سعد : قالوا : استعمل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أبا بكر الصديق على الحج ، فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة ، وبعث معه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعشرين بدنة ، قلدها وأشعرها بيده ، عليها ناجية بن جندب الأسلمي ، وساق أبو بكر خمس بدنات ، فلما كان بالعرج - وابن عائذ يقول : بضجنان - لقيه علي بن أبي طالب على ناقة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، القصواء ، فقال له أبو بكر : استعملك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على الحج ؟ قال : لا ، ولكن بعثني أقرأ براءة على الناس ، وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده . فمضى أبو بكر فحج بالناس ، وقرأ علي بن أبي طالب براءة يوم النحر عند الجمرة ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده ، وقال : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ثم رجعا قافلين إلى المدينة .

وفيما ذكر ابن عائذ : أن المشركين كانوا يحجون مع المسلمين ، ويعارضهم المشركون بإعلاء أصواتهم ليغلطوهم بذلك : لا شريك لك إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . ويطوف رجال منهم عراة ، ليس على رجل منهم ثوب بالليل ، يعظمون بذلك الحرمة ، ويقول أحدهم : أطوف بالبيت كما ولدتني أمي ، ليس علي شيء من الدنيا خالطه الظلم ، فكره رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يحج ذلك العام ، وأمر الله ببراءة ، وذكر تمام الخبر . وفيه : فلما كان يوم النحر يوم الحج الأكبر ، أذن ببراءة من عهد كل مشرك لم يسلم ، أن لا يدخل المسجد الحرام بعد ذلك العام ، وبين لهم مدة الله التي ضرب على لسان نبيه أربعة أشهر يسيحون فيها حيث شاؤوا ، فقالوا : بل الآن ، لا نبتغي تلك المدة نبرأ منك ومن ابن عمك ، إلا من الضرب والطعن ، فحج الناس عامهم ذلك ، فلما رجعوا أرغب الله المشركين فدخلوا في الإسلام طوعا وكرها . وكان العهد بين رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبين المشركين عاما وخاصا ، فالعام : أن لا يصد أحد عن البيت جاءه ، ولا يخاف أحد في الأشهر الحرم ، فانتقض ذلك بسورة [ ص: 311 ] براءة ، والخاص بين رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبين قبائل من العرب إلى آجال مسماة ، ولذلك قال : ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ) الآية . ذكر معناه ابن إسحاق ، وذكر تمام الآي من سورة براءة وتفسيرها .

*** [ ص: 312 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية